باعوا بيتنا

 

 

 

 

1938 هو عام تأسيس دائرة الأيتام، ولن أتطرق الى أسباب انشائها ومدى أهميتها، ولكن ألخص الفكر والنظام اللذين سيطرا على أدائها بعهديها القديم والجديد، مع وجود أموال كثيرة تحت اليد تعاملت معها الهيئة بفكر مؤسسة مالية استثمارية، تقرض وتضارب بالأسهم وتؤسس شركات. ففي العهد القديم ـ أي منذ التأسيس حتى عام 1983ـ كان شائعاً قيام دائرة الأيتام، كما كانت تسمى، ببيع بيوت وعقارات القصّر وتحتفظ بالنقد، مما ألحق الضرر بالعديد من القصّر، الذين خسروا نتيجة البيع الفوري لعقاراتهم مقابل الارتفاع المستقبلي في القيمة السوقية. ولطالما كنت أتساءل: بماذا تستثمر تلك الأموال؟! وقد سبق لي شخصياً، وقبيل مغادرتي للدراسة، أن تقدمت طالباً شراء قسائم سكن لأشقائي وعمارات مدرة، بدلاً من وجود أموالنا نقداً لديهم، وقوبل الطلب بالرفض، وكان الجواب: خلك بدراستك هذا شغلنا موشغلك. شغلهم هذا أدى إلى فقدان أرصدة القصّر لقيمتها السوقية، وما كان بألف أصبح بمئة ألف بعد سنوات قليلة. وقد أثار انتباهي ما أثاره أحد التجار لدى تذمره من شروط الإقراض في أحد البنوك ــ حيث عملت لأكثر من عشرين عاماً ــ إذ قال حسبي الله على اللي غيّر قانون دائرة الأيتام، كنا مرتاحين معاهم! وسألته وشنو علاقتك معاهم؟ رد متمتماً: شروطهم أحسن منكم، ورحل غاضباً. ظل هذا الحديث يراودني لأكثر من عقدين، لم أجد له جواباً، حتى وجدته في سجلات وأراشيف قديمة. نعم وجدت الإجابة بعد بحث طويل، واتضح ان دائرة الأيتام في عهدها القديم كانت تستثمر تلك الأموال في تمويل التجار، بموجب عقود للمرابحة، يتوسطها شراء وبيع أصول من أرز أو قهوة أو امريكن ــ وذلك قبل نشأه البنوك. ومع تحولها الى إدارة تتبع وزارة العدل، تفاقم الأمر، فأخذت تقرض التجار مقابل فوائد ربوية توثق لدى كاتب العدل. والعجيب كيف لإدارة في وزارة العدل أن تزاول الاقراض، وتتعامل مع الربا، بالرغم من وجود البنوك؟! وماذا وجد التجار في تلك الإدارة بديلاً أفضل من البنوك؟ أم ان هؤلاء التجار كانوا في الحقيقة نخبة؟! 

وحتى لا يعجز قارئنا العزيز، فهناك عقد بيع تحت يدي عائد الى تركة بيعت على أحد التجار، الذي عجز عن سداد مبلغ المبيع لسنوات، فأقرضته تلك الدائرة من أموال القصّر لسداد التزامه المالي اتجاههم، يعني خذ من جيسه وعايده! وهناك طريقة أخرى تتم ببيع العقار للتجار بالاجل، حيث يقوم التاجر بتقسيم العقار وبيعه، وبعد سنوات يسدد ما عليه، والله مساكين هؤلاء الايتام، أما كان يكفيهم يتمهم؟

 

وهذا غيضٌ من فيض.

وإلى مقالة أخرى من تلك السباعية الحزينة.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: حريدة القبس ٤ مارس ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني ) 

باعوا بيتنا Pdf

 

عدد الزائرين:

138 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr