أم بدر

 

 

 

زميلة عمل منذ الثمانينات، وبالكويتي حقانية.. ما تطق الطار مقلوب. أخذت الدنيا منها وأعطتها، فكلما تنتهي من إنجاز تبدأ من جديد. وهي الآن تتقلد منصباً قيادياً حكومياً تستحقه، وكلفت بمهمة عليها إنهاؤها بشهر، وبمهنيتها المعهودة لم تتردد برفع التلفون للسلام، وطلب استشارة من مستشار ليس له باع طويل في اختصاصها الحالي، ولكن قد يكون هو المطلوب. فجلسات العصف الذهني تتطلب نقاشاً مع من هو خارج الصندوق كما يقال. ودار الحديث واشتد النقاش حول مائدة سوشي وساشيمي، وكانت حقوق المرأة الكويتية هي موضوع السؤال. وبعد ساعتين من الزمن، أحسست أن أم بدر بنزينها خلص، وآمل أن أكون قد أفدتها. ولكن موضوعها سبب لي أرقاً وأدخلني بفلسفة المواطنة ومبدأ الحقوق والواجبات، ولتسمح لي المرأة بالخوض في تلك الفلسفة ولا تزعل، فالمرأة هي الأم والبنت والزوجة ونصف المجتمع، بس وقت الصجيه يتغير الكلام وندخل بتصنيفات عجيبة، فالرجل بواقع الأمر يصنّف المرأة من باب وضعه معها. ولكن عند تناول حقوقها فهي تصنف بالزوجة والمطلقة والعانس وزوجة غير الكويتي، وهذا التصنيف لدى الرعاية السكنية تصنيف بوجهة نظري جائر. فإن استحق الرجل الرعاية السكنية، فمن حق المرأة، أيضاً، أن تنال الرعاية ذاتها، فليس كل النساء متزوجات، وليس لكل عازبة أب أو أم تسكن معه.

يا جماعة، هناك فئة كبيرة من بناتنا وأخواتنا يبحثن عن سكن ولو بالإيجار. وللعلم، فإنه من الصعوبة بمكان لتلك الفئة المظلومة أن تجد من يؤجر لهن عدا العمارات اللي ما تنسكن. والوضع يكون أسوأ إذا كانت متزوجة بأجنبي أو مطلقة من أجنبي ولديها أبناء، فالمجتمع يعاقب الكويتية المتزوجة بأجنبي هي وأبناءها بشكل غير مباشر وغير مقصود أيضاً.

طرت على بالي فكرة حينها، والليل في آخره، لو أنّ المشرّع، ومن باب المساواة، وضع نوعاً من العقاب على الكويتي لدى زواجه من غير كويتية، بمعنى أن لا يفرز له بيتاً بل يخصص له شقة، أو يعطى نصف قيمة القرض لأن الأجنبية ربما تكون طلباتها أقل من الكويتية، وهذا قد يشجّع الكويتي على الزواج من الكويتية. أما اللي يحب يلحق قلبه، فخله يدفع من جيبه مثل الكويتية اللي تاخذ أجنبي تدفع من جيبها. طبعاً هذا ليس بحل، ولكنها أفكار الليل التي يمحوها النهار. ويبقى الحق الواضح والجلي كالشمس ألا تصنف المرأة الكويتية ولا تعاقب على قراراتها، وأن تعطى حقوقها كاملة غير منقوصة. 

ويا أم بدر، طيّرتي النوم من عيني، ولكني على ثقة بأنك ستتخذين القرار الصحيح، فأنت الأقرب والأقدر على جواب ما سألت عنه.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ٢١ إبريل ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني )

أم بدرPdf

عدد الزائرين:

386 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr