بلدٌ طيب ورب غفور

 

 

 

 

قبل سنوات رافقت بيت الزكاة برحلة إلى صنعاء، لعرض مشروع تنموي علينا، يُعنى بالإنسان اليمني. وهناك كانت لنا عدة لقاءات مع ناشطي مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك زيارات ميدانية لمراكز رعاية الأيتام وغيرها. ولن تتسع مئة مقال لوصف مدى معاناة هذا الشعب، الذي يغلب عليه الطيبة والكرم. وأنا ليس لي من السياسة دروب، ولكن من وجهة نظري، فأهم النتائج التي قد نحصدها من «عاصفة الحزم» هي إنقاذ هذا الشعب من عدوه الأول، ألا وهو الأمية والجهل. فقلة من الناس تعلم أن نسبة الأمية تصل إلى %50 عند الرجال، وترتفع إلى %80 عند النساء، وقلة من الناس تعلم أن التهاب اللوز سبب رئيسي في وفيات الأطفال، وأن أعلى نسبة يُتْم في العالم العربي هي في اليمن، وفوق هذا وذاك آفة القات التي أخذت تنتشر بين النساء والأطفال، وأي قات المعالج كيماويا الذي أصبح المسبب الرئيسي لمرض السرطان. فنعم لــ «عاصفة الحزم»، ونعم لمشروع مارشال اليمن، لكن هذا البلد يحتاج الى برامج تعليمية وتنمية إنسانية متوازية مع الدعم المالي والتنموي التي دأبت الكويت على تقديمه. فهناك جامعة صنعاء، بنيت من قبل الكويت، وكذلك الكثير من المدارس والمستشفيات التي ما زال اليمنيون يدينون بها للكويت وأهلها. وكنا مع إخوان لنا من بيت الزكاة في السوق القديم نتجول، وكعادة الكويتيين، ارتفع صوتنا حديثا وفكاهة مع مضيفنا اليمني، فقابلَنا رجل مسنّ، قارب الثمانين، وقال بلهجته اليمنية: أنتم من الكويت، فأهلا وسهلا بكم في اليمن السعيد، وأسألكم بالله: هل رأيتم ما هو سعيد؟! وقال: نحن أهل اليمن نحب الكويت وأهل الكويت، ولن نكون سعداء ومنا من لا يحفظ العهد ولا يرعى حق المعروف. بعدها رحل من دون أي سؤال حاجة، حيث اعتقدت منه ذلك، وسألت مضيفنا، فأخبرني أن هذا شعور معظم أهل اليمن تجاه أهل الكويت، وجميعنا ندين موقف حكومتنا من غزو الكويت، وأن من وقف مع صدام ليست إلا فئة قليلة ضالة أو مشتراة.

من بعد حديث الرجل المسن لم أجد صعوبة في إقناع إخواني المشاركين في إدارة ثلث والدي بانشاء مركز خيري يعنى بالأيتام والأرامل مرفق بدار لتحفيظ القرآن الكريم، وجامع ذي طابع «يماني». وبحمد الله تعالى، تم تنفيذ المشروع وافتتاحه عام 2010، بحضور وزير العدل الكويتي وسفير دولة الكويت، ليصبح معلماً كويتياً يشار إليه بالبنان، ويعنى برعاية ألف يتيم وتدريب 500 من الأرامل والشباب ومركزاً لمكافحة الأمية والقات. وكلّي أمل، بعد أن تضع الحرب أوزارها، أن توحّد الجهود لمساعدة هذا الشعب الطيب ولإعادة اليمن سعيداً مرة أخرى.

..ولنا وقفة مع كوكبان.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ١١ مايو ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني ) 

 

بلد طيب .. ورب غفور Pdf

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عدد الزائرين:

114 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr