كوكبان

 

 

 

 

قبل عدة سنوات، وعلى هامش افتتاح مركز المرحوم عبدالله العثمان في صنعاء، دعانا وزير الأوقاف اليمني إلى الغداء، بحضور وزير العدل الكويتي، وقال: «غداكم في كوكبان». بعفوية ومن دون التزام مني بالبروتوكول سألته: دكتور، هل المنطقة لها علاقة بالثلاثي الكوكباني؟ أجابني الوزير ضاحكاً: نعم، تلك بلدهم. وسألني وزيرنا: منو هذول؟ أجبته: إنها فرقة تغني اللون العدني أيام السبعينات، ولا يعرفهم إلا من هو محب للفن العدني اللي أنا واحد منهم. وضحك وزيرنا. أخذت الرحلة نحو الساعة من صنعاء. وتقع كوكبان على رأس صخرة عالية الارتفاع، ذات جرف من ثلاث اتجهات، ولها مدخل من جهة واحدة، ويفصلها أخدود عميق عن ارتباطها بالارض الأم، وهناك جسر خشبي يدخل إلى تلك القلعة الحصينة. وكوكبان مدينة يقال إنها بنيت في القرن السابع قبل الميلاد، وهي شديدة البرودة في الصيف، وممطرة، وتتمتع باكتفاء ذاتي يؤهلها لمواجهة أي حصار، مما جعلها عصية على الغزاة، فهي مدينة أثرية تعكس تاريخ سبأ وهجرة العرب وفتوحات المسلمين، كما أنها ربما تعكس تعاسة اليمن السعيد. فمن أعلى القمة ترى، وعلى مد البصر، مزارع القات، التي حلت محل البن، حيث كان هذا المكان هو أصل موطنه. ونرجع لغدائنا الذي رأينا فيه الكرم اليمني. لكن وبعد الغداء انتقلنا إلى الدور العلوي، حيث المجلس، وهناك وبعد تقديم الشاي أدخلوا علينا مداور القات، ووضعت بوسط المجلس، وقام وزيرهم بالتقطيع والتقديم، وكوني من أعداء السجائر والشيشة وما يتبعهما من شر، ولا صفة رسمية لي أحاسب عليها، فعلى الفور قررت الانسحاب من المجلس معترضاً على هذا التصرف. وان كان موقفي بنظر الوزير اليمني فيه نوع من قلة الاحترام، إلا أنه الحل لرفع الحرج عن الوفد، كون تقديم القات للضيوف هو أمر محمود للكثر من اهل اليمن، وهذا هو أصل البلاء، فللأسف الفتوى الشرعية السائدة هناك تقوم على تحليله كونه مادة منبهة وليست مخدرة، وان كان هذا أو ذاك فهو مسبب رئيسي لأمراض السرطان ومضيع للثروة المائية، ومنتج غير قابل للتصدير، فهو مستهلك محلياً. إنما أقول ذلك لما يتمتع به اليمن من أراضٍ زراعية شاسعة تنتج البن والمكسرات والفواكه بأنواعها. فكيف تكون هناك مجاعة وفقر في بلد ينعم بكل تلك الخيرات، ولا ننسى السواحل والثروة السمكية الهائلة وموانئ هي الأهم في العالم، عدا السياحة والنفط والغاز، كل هذا ونرى الفقر والامية يفتكان باليمن. كيف يعقل أن يحلل البعض من علماء اليمن تلك الآفة ويشرعها القائمون على هذا البلد، الذي يحتاج إلى عاصفة حزم تقضي على الثلاثي الكوكباني القاتل:

الأمية والفقر والقات.

 

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ١٩ مايو ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني )

 

كوكبان Pdf

 

عدد الزائرين:

137 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr