نوتي كورنر

 

 

 

 

أو بالعربي «زاوية المشاغبين»، وهي عقاب حديث للأطفال، تحط الطفل بزاوية ما يطلع منها إلا لما يحس بخطئه ويتأدب. والغريب أن أطفالنا تعودوا على هذا النوع من العقاب، فما ان تقول له «روح للنوتي كورنر» يتوجه للزاوية من دون مقاومة ودموعه على خده. وطبعاً هذا على وقت الجيل المدلل، أما أيامنا «محد حطنا في نوتي كورنر». المرحوم الوالد عنده العصا والجحيشه ومرّات العقال، وفي المدرسة استاذ نجم عنده الخيزرانة من الصبح حق المتأخرين، واستاذ نعيم الفلسطيني عنده المسطرة أم سيم، بس هذا مو موضوعنا. فالموضوع ما لاحظناه من صدور العديد من القوانين بها ما بها من تغليظ للعقوبات. وعند النظر إلى نوعية تلك الجرائم التي تُعاقب بالسجن، نجد الكثير منها ذات طابع سياسي وإعلامي ومالي أو شخصي، منها هروب من التجنيد، أو إعادة رتويت بالخطأ، أو تعليق جاهل على أمر لا يفهمه من الأساس. بالمختصر هي منظومة من الجرائم النظيفة، التي لم يتعرض فيها أحد للقتل أو السرقة، ولا علاقة لها بالمخدرات والنصب والاحتيال والإرهاب، أي مو من النوع اللي يخرع. وفي حال وضع هؤلاء المجرمين النظاف مع المجرمين اللي يخرعون في سجن واحد وتعريضهم للمعاملة ذاتها، فالنتيجة أن المجرم النظيف سيخرج من السجن مجرما يخرع. وأعود بالذاكرة الى أكثر من عقد مضى، عندما عملت في إحدى المؤسسات المالية، حيث دخلت في جدال مع مديرهم حول قانونية أخذ شيكات كضمان، فمن وجهة نظري الشيك هو أداة سداد، وهو يرى انه اداة ضمان. وللتوضيح سألته: هل الشخص الذي أعطاك خمسين شيكاً لديه القدرة على السداد لو فقد وظيفته؟ فأجاب: لا. فقلت له: وما الفائدة إذاً من قبول تلك الشيكات؟! ووقع رده علي كالصاعقة: أدخله السجن فيكون عبرة لغيره! فأجبته بحدة: وما بال عائلته؟ فأنت تقرض المال بضمان حرية الإنسان، فإن لم يسدد سلبته حريته، فما الفرق إذاً بينك وبين تاجر البندقية؟ طبعاً زعل، وقال: تلك مؤسسة وليست بزكاة العثمان. وهنا نلاحظ كيف يستغل السجن بغير موضعه، وللأسف المشرّع أيضاً، وفي السنوات الأخيرة، أخذ بالتساهل في إدراجها كعقوبة على الناس، وأقترح أن ينظر المشرّع في تشريع عقاب وسطي يتبع مبدأ «النوتي كورنر»، أن تشتمل الأحكام على عقوبة الخدمة الاجتماعية أو الإقامة الجبرية أو تحديد دائرة الحركة، بمعنى أن المعاقب لا يملك حق الخروج عن محيط بيته ولا حتى الفريج. وهي أحكام مطبقة في الدول الغربية، وتحد من حرية الإنسان إلكترونياً، وهو عقاب تأديبي ورادع أفضل بكثير من زج مجرمين نظاف في السجن، والدفع بهم لاحقاً إلى المجتمع بعد تحولهم إلى مجرمين يخرعون!

 

عدنان عبدالله العثمان

 

 

المصدر: جريدة القبس ١١ أغسطس ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني )

نوتي كورنر Pdf

عدد الزائرين:

209 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr