عقاري خمسة

 

 

 

 

 

 

الحديث عن العقار له شجون وقصص، تسعد أحياناً وتبكّي أحياناً أخرى. والثلاثاء الماضي عند بوخليفة في ديوانيته سمعت قصة من أحد الأفاضل، وهو مطوّر عقاري، يسأل بحسرة أحد المطلعين على القانون وأحكامه، ويقول له «اشتريت عقارين من مزاد أقيم من قبل وزارة العدل، وعند رسو المزاد عليّ دفعت كامل المبلغ وفق شروط المزاد، لكن وإلى الآن صار لي أكثر من سنتين لم يسجل أحد العقارين باسمي، والمحكمة أخذت الفلوس ودفعتها بالكامل للمدينين، وأنا لا من فلوسي ولا من عقاري». وصاحبنا (رجل القانون) أجابه ان «هذي مو مسؤولية المحكمة هي مسؤوليتك انت تخلص المعاملة من البلدية». ورد عليه صاحبنا «زين وأنا شنو ذنبي إن باعت الوزارة عقارا مخالفا للقانون». طبعاً جذبني الحديث كوني صاحب اختصاص، فتدخلت وسألت عن القصة، فأجاب ان العمارتين اللتين اشتراهما إحداهما الموزع عرضه 110 سنتيمترات بينما في المخطط عرضه 120 سنتيمترا، يعني الحديث كله على 10 سنتيمترات، والبلدية رافضة التسجيل. ويعقب صاحبنا أن العمارة بنيت واستلمتها البلدية على هذا الأساس فكيف لها محاسبتي على ذلك، وكان الأعدل محاسبة مسؤوليها الذين أصدروا شهادة إيصال التيار للمالك السابق. أما العمارة الثانية فقديمة ومتهالكة وبها ملاحق مخالفة مآلها الهدم وإعادة البناء. ضحكت من شر البلية، فالحكومة تبيع بالمزاد تطبيقاً لأحكام قضائية وتأخذ فلوس الناس وتسدد ديونا ولا تسجل العقار باسم الشاري، والبلدية تضرب بعرض الحائط تلك الأحكام وتعلق الناس بمخالفات هي مصدرها. طبعاً حل مشكلة صاحبنا الذي لن يجد غيره واضح، لكن لم أقدمه له حتى لا آثم، وهو قرقش مخباتك والحال يمشي، عسى ان شاء الله يمشي زقوم في بطن كل مرتش في الدولة. والله أمر عجيب ولا يقع في دول أخرى لا أقول المتقدمة منها ولا الخليج، بل في دول يغيب عنها القانون. والمقصد ان التداول بالعقار ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، وعلى كل متداول أخذ الحيطة، وعدم دفع أي عربون قبل صدور شهادة الأوصاف، وطبعاً هذا الكلام لا يعجب العديد من السماسرة. وبعد صدور الشهادة على المتداول أخذها للبلدية للتأكد من صحتها وخلوها من التلاعب. كذلك عليه تكليف مهندس للتأكد من تطابق المخططات مع الواقع، فالغش والتلاعب أصبحا أساسا بغياب الشفافية وتخاذل البلدية. وقانونها الحالي والقادم الذي هو تحت الدراسة يكرس الفساد في هذا الوطن المسكين. بيت القصيد أن على المواطن والمؤسسات المالية ألا تأخذ العقار على افتراض خلوه من المخاطر، خصوصاً في خضم هذا التشابك والقصور في القوانين وجشع وضياع الضمير.

وما أقول إلا عمك أصمخ.

والحكمة في المقال المقبل.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ١ / ١٢ / ٢٠١٥ (الرابط الالكتروني)

 

عقاري خمسة Pdf

عدد الزائرين:

142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr