!المربّع المظلم

 

 

 

ذكرتُ في المقال السابق ما يعانيه الكويتي لدى بنائه منزل العمر والمربع المظلم الذي سيجد نفسه حبيساً فيه، بدءاً بأحلام يقظة صاحبة البيت من صالات وغرف طعام ونوم وضيوف وسرداب وشقتين لسكنى الأولاد في المستقبل. كلها مساحات تكلف الكثير، وعادةً لا تُسْتغل وتثقل كاهل رب الأسرة من صيانة ومصاريف كهرباء وماء عدا الخدم ومتطلباتهم، ورغم ذلك صاحبنا راح يبني، وعليه أعطيه نصيحة بــ«بلاش»، ولا حد يزعل.

أصعب أركان المربع المظلم: الزوجة، يليها المقاول الذي يعمل جل جهده لخلق الأوامر التغييرية، يليه المهندس ذو المخططات الركيكة التي لا تخرج عن سياسة القص واللصق، والتي نراها أحياناً بعيدة كل البعد عن التفاصيل المعمارية القابلة للتطبيق، ويعدي المخطط الإنشائي الذي لا يلحظه معظم المطورين حتى المختص منهم.

ويا لهول المفاجأة! فبعد صب العمدان والأسقف تظهر مشاكل في الارتفاعات، خصوصاً عند الأدراج وبروزات الأعمدة داخل الغرف وغيرها، ونجد صاحبنا الإنشائي غارز ألف عمود وعمود. وطبعاً لا يكتمل المربع المظلم دون ضلعه الرابع، ألا وهو البنك الممول، مرة يشجعك على الاقتراض «ويحط لك إعلان يبيله لمبرغيني، بس تعال تسلف على راتبك» ومرة «يخسبقك» بحسبة الفوائد، فبقدر ما تسدد تجد دينك يتضاعف. ومرة يقول لك وين الفواتير يبيها البنك المركزي، قصة ما لها أول من آخر. ونصيحتي للأسرة أولاً تقييم احتياجاتها للمساحة بشكل موضوعي غير مبالغ فيه، وقبل البدء في التصميم تحديد الميزانية القصوى للمشروع مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة الأثاث ومن ثم إلزام المهندس بتصميم المنزل على حسب الميزانية، وليس العكس، والأفضل إن كانت الميزانية تسمح بإشراك مهندس تصميم داخلي لعمل مناظير داخلية على الأبعاد الثلاثة علشان المعزبة يصير عندها تصور واضح قبل لا تخبص وقت البناء. من ثم اطلب من المهندس عمل جداول للكميات وتوصيف ومستندات مناقصة يليها عمل مناقصة تسليم مفتاح مع مقاول مصنف يعطيك كفالة بنكية لدفعة مقدمة وإنجاز، ولا تسمع من أحد يقول لك جزء المناقصة أرخص لك، فلن تكون أرخص ولا أفضل بالتشطيب. وكفاية إذا تأخر المقاول أو أخل تقدر تحاسبه وعندك ضمان الكفالات البنكية. ولا تنس يكون عندك إشراف هندسي طوال فترة التنفيذ ولا تستبخل على الإشراف وتعامل مع مكتب يكون صاحبه يشتغل فيه، مو مكتب ختامه.

وقد يقول لك أحدهم هذي للمشاريع الكبيرة فقط وأنا أقول لك بيت العمر هو المشروع الأكبر ويستحق التعب. وألخص نصيحتي بالحذر من نصيحة العليمي مدّعي المعرفة وتذكر مقولة الأعمى والأعرج اللي ادعمتهم سيارة فقال الأعرج للأعمى الحق السيارة، فرد عليه الأعمى ما له داعي أخذت الرقم!

ولنا وقفات توضيحيه قادمة.

ولكم السلامة.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ٢١ يناير ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني) 

المربع المظلم! Pdf

 

عدد الزائرين:

118 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr