كهرباء

 

منذ زمن بعيد وموضوع هدر الماء والكهرباء فاكهة حديث منظري الحكومة. وأتذكر عام 1980، بعد تخرجي مهندساً، عملت في وزارة النفط. وكانت مديرتي الفاضلة سهام الرزوقي في ذاك الوقت تشغل منصب الوكيل المساعد، وكانت متميزة وقيادية من الطراز الأول. وأنا ما طوّلت في النفط، حدي سنة وحدة، إذ لم أجد نفسي في القطاع النفطي مع أنني حظيت برعاية وتدريب متميز من قبلها، وكذلك من الفاضل الشيخ علي جابر العلي الذي كان أيضاً وكيلاً مساعداً في ذاك الوقت. ولدى التحاقي بالعمل لم تكن عندي واسطة أو معرفة بأحد، قدّمت ضمن الأطر الرسمية الصحيحة وبعد المقابلة توظفت.

حينها الدنيا كانت سهلة، والناس طيبون ومحترمون.

ومن أوائل المشاريع التي شاركت بها كمتدرب تزامنت مع قرب افتتاح محطة كهرباء الدوحة الشمالية، وارتكز المشروع على تزويد المحطات بالوقود. وأتذكر جيداً التفاخر بالحديث من قبل مهندسي وزارة الكهرباء على قدرة تلك المحطات على حرق كل أنواع الوقود. وطبعاً، لأني جديد على هذا القطاع فأسئلتي ما تخلص، فسألت عن معنى حديثه، فأجابني المهندس الكوري بأن تلك المحطة هي صديقة للبيئة، وتعمل على الغاز الطبيعي، وفي الوقت نفسه تستطيع العمل على حرق الوقود الثقيل في حال الطوارئ.

هذه الكلمات لا تزال تتردد في ذاكرتي والألم يعتصرني لما فعلته الدولة في وقت لاحق باستعمالها الدائم للوقود الثقيل عالي التلوث بحجة عدم توافر الغاز الطبيعي في الكويت، وعدم رغبة الدولة في حرق الوقود الخفيف لقيمته السوقية العالية. وطبعاً، استمرت وزارة الكهرباء في تشغيل المحطات على الوقود الثقيل. والوقود الثقيل للقارئ غير المطلع هو الأرخص والأكثر تلويثاً للبيئة. وطبعاً علشان التوفير نحرق الرخيص ونبيع الغالي ونبني احتياطيات مالية بالخارج. هي معادلة مالية صحيحة، ولكنها تجري على حساب صحتنا وصحة أطفالنا، واللي يبي يشوف التلوث عدل يطلع البحر بجون الكويت قبل المغيب وسيرى سحابة صفراء تغطي المدينة.

والأذكياء ربعنا حددوا مواقع المحطات وفق اتجاهات الريح الثلاثة. شلون؟ أنا أقول لكم. يعني إذا هب الهوا شمالاً غطى مدينة الكويت دخان وتلوث محطة الدوحة، وإذا الرياح شرقية تغطت الديرة بتلوث محطة الصبية، وإذا الهوا كوس هلّ علينا تلوث محطة الشعيبة. وهذا مو موضوعنا. فعلى حسب ما تتداوله الصحف، أخيراً، فقد بدأت الدولة باستيراد الغاز الطبيعي من أجل السيطرة على التلوث، ولكن بعد خراب مالطا كما يقال، وموضوعنا الزيادة في تعرفة الكهرباء والماء على المواطنين. فالحكومة أقرت الجدول، ولكن أثر تطبيقه تتحاذفه الإشاعات والتأويلات.

وأنا أسأل وأتساءل: هل وزارة الكهرباء تتمتع بالكفاءة لتحصيل تلك الجباية؟

والأهم صحتنا وصحة أبنائنا اللي ضاعت شلون نكيشها؟

جوابنا في المقال المقبل.

 

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ١٤ إبريل ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني)

 

كهرباء Pdf

عدد الزائرين:

190 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr