الوردي والتطرف

 

قراءتي للكاتب العراقي علي الوردي، الذي تكلمنا عنه في مقالنا السابق، دفعتني الى التفكير والتحليل. فبالرغم من أن الوردي نشر كتبه ومقالاته في الخمسينات من القرن الماضي، لكن عند قراءتها تعتقد أن الكاتب يعيش معنا. فالكثير من تحليلاته تحاكي ما يحصل الآن من تشرذم وطائفية وإرهاب، وأهم ما تطرق له هو نشوء الحركات الإرهابية، والمستفيد من نشأتها، ومتى يقضى عليها.

وقد تناول في كتابه «قصة الأشراف وابن سعود»، المنشور عام 1969، نشأة حركة الإخوان.. فيقول: «تلك الحركة التي أثارت دهشة الناس بأمرين: بفدائيتها في الحرب، وتعصبها الشديد في السلم. ويقول فيليبي، وهو مستشار الملك عبدالعزيز بن سعود «لقد كان خلق ابن سعود لحركة الإخوان عام 1912 ضربة معلم عبقري، لا يوازيها غير تصفيته لهذه الحركة بعد ثمانية عشر عاما، حينما ثبت لديه انها لم تعد سوى عقبة في سبيل استقرار الأوضاع التي بناها بطول صبره وجهده»، ويكمل الوردي «ان الحركة التي أوجدها ابن سعود من العدم، كان يمكن لها أن تدمره وتنهكه لو لم يبادر هو إلى تدميرها بنفسه».

طبعا هذا كلام علي الوردي وليس كلامي، فأنا لست بمؤرخ، ولا أجزم بصحة كل ما يكتب، لكن ما جذبني الى الكتابة هو ما نراه من تكرار لنشوء تلك الحركات الإسلامية المظهر والظلامية المضمون، التي نراها بأسماء وعقائد مختلفة، ومعرفة من أنشأها، ومن سوف يقضي عليها، ومتى تنتهي مهمتها، كما انتهت مهمة حركة الإخوان، كما ذكر الوردي.

وقد يكون صاحبنا في نهاية الكتاب قد قدم الجواب، وأنقله هنا: «رأينا الاخوان النجديين يقترفون الفظائع المنكرة، وهم يحسبون أنهم سائرون على سنة الله، فاعتبرنا ذلك منهم همجية تنافي الحضارة، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية بعدئذ، فرأينا المتحضرين لا يقلون همجية عن الاخوان، وربما تفوقوا عليهم من بعض الوجوه». وينهي الوردي كتابه «ان الذي أردت قوله في هذه الخاتمة هو أن الدنيا سارت، وما تزال تسير على وتيرة واحدة لا تتغير، والذي يريد النجاح فيها ينبغي عليه أن يفهمها كما هي في الواقع لا كما يجب أن تكون».

وبتحليل متواضع منا، فإن تلك الخلايا الإرهابية هنا وهناك، بشتى عقائدها، وقودها شباب الأمة الذين ضُللّوا باسم نصرة الدين، فنراهم يلقون بأنفسهم والعالم إلى التهلكة من دون معرفتهم من المحرك؟ ولماذا؟ ولمن؟ والواقع هنا أن أبناءنا ما زالوا عرضة للتطرف، ما لم نقم كآباء ورجال دين ودولة بوضع النقاط على الحروف ومواجهة المشكلة كما هي في الواقع، لا كما يجب ان تكون.

أما الوردي فلنا معه وقفات أخرى.

عدنان عبد الله العثمان

 المصدر: جريدة القبس ٢٥ يوليو ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني)

الوردي والتطرف Pdf

عدد الزائرين:

192 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr