بوفهد

 

 

المستشار عبدالرحمن النمش، رئيس جهاز هيئة مكافحة الفساد، وقبلها مستشار في محكمة الاستئناف، وقبلها أيضاً الوكيل المساعد في الهيئة العامة لشؤون القصر، وهو المنصب الذي من خلاله تعرفت عليه. ومن اللقاء الأول رأيت في هذا الرجل سماحة الخلق ونظافة اليد، أمّا في مجال العمل فشهادتي فيه مجروحة، ويكفي أن نسأل رأي أي موظف، أو أي مراجع، وسنسمع منه نفس الإجابة «والنّعم في بوفهد». حتى بعد تركه للهيئة وعودته لسلك القضاء ظلت علاقتي الطيبة معه كل تلك الأعوام، حتى تقلّد منصبه الأخير في هيئة مكافحة الفساد، ولا أُخفي سراً إن قلت أَنَّ فرحتي له شابها القلق خوفاً عليه ومن باب محبتي له، فتأسيس أي عمل من الصفر مهمّة محفوفة بالمخاطر، لكن كانت كلمته لي: هذه مسؤولية وطنية يجب عليّ القيام بها، وأنا مدركٌ تماماً لكل الصعاب التي سأواجهها.

التقيته قبل أيام صدفةً في مجلس الإعلامي الأخ عادل الزواوي، وكانت زيارتي الأولى لمجلسه، وكان من ضمن الحضور مجموعة مميزة من مثقفي وسياسيي الوطن. وقبل حضور بوفهد تناول الحضور موضوع وزارة الصحة، ثم تغيّر مع قدومه، إلى تناول حديث الساعة، وهو هيئة مكافحة الفساد، وأخذ كلٌّ من الحضور يدلي بدلوه ويغرد على كيفه، أحدهم سأل ليش ما تستقيلون، والثاني يسأل ليش ما صدتوا أحد، وهكذا. أنا عن نفسي التزمت الصمت، لأن الخوض في مواضيع لا أعرف الظروف الكاملة لها أمرٌ لا يستهويني، والحكومة أبخص بمؤسساتها. لكني أخذت أراقب ردة فعل بوفهد على الجدل من حوله، ووجدته محافظاً على دبلوماسيته ومهنيته المعهودة، ولم تفارقه الابتسامة والهدوء.

وبعيداً عما يجري اليوم مع هيئة مكافحة الفساد، فالحقيقة التي يجب ألا تغيب عنّا هي أنّ تأسيس أي عمل من الصفر أمرٌ لا يستهانُ به، ولذلك نرى المؤسسات تفضل دائماً خيار الاستحواذ على مؤسسات قائمة وبمبالغ باهظة، رغم أنها تملك خيار تأسيس عملها من الصفر. فمن ينظر للأمور بسطحية سيستنكر الشراء مع وجود الخيار الأرخص، أما المحنك فسيدرك أنّ الاستحواذ وإعادة الهيكلة هو الأربح.

وأقول لأهل الكويت بغض النظر عن طموحاتنا اتجاه هيئة مكافحة الفساد، وبغض النظر عن الخلافات القائمة بين الأمناء ووجهة نظر الحكومة في المسألة، علينا أن نرى الجزء المملوء من الكأس، وهو وجود هيئة لمكافحة الفساد، لها مقر وقانون ولوائح وكادر وظيفي قائم وجاهز بكامل الأمور الفنية والإدارية، وهذا مجهود إداري وفني ضخم حققه مجلس الأمناء من رئيس وأعضاء، ومن دعم حكومي وتشريعي، فعلينا ألا ننساه.

ولكل من ساهم في تحقيقه لازم نقول: شكراً جزيلاً.

 

 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر ٦ مارس ٢٠١٧ ( الرابط الالكتروني ) 

بوفهد Pdf

عدد الزائرين:

97 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr