ترجّل فارس

 

 

بوصافي، رجل الدولة ورجل العمل الخيري وعضو مجلس إدارة الهيئة العامة لشؤون القصر العم عبدالعزيز عبدالرزاق المطوع. هذا الإنسان الرائع الهادئ بطبعه الحازم في عمله من مواليد ١٩٣٢ في فريج القناعات، تلك العائلة الكريمة التي كان ومازال لدي صداقات ومودة مع العديد من رجالاتهم. تقلّد بوصافي سابقاً منصب وكيل وزارة العدل، وكذلك عضوية مجلس إدارة بيت الزكاة، وعلاقتي المهنية معه جاءت من خلال ما كنت أقدِّم من دراسات واقتراحات سواءً بما يتعلق بثلث والدي أو أي استشارات تطلب مني في ذاك التاريخ.

وقد سبق وأن كلِّفت إعداد الاستراتيجية الخمسية للهيئة العامة لشؤون القصر عام ١٩٩٥. ورحلتي مع تلك الهيئة، التي امتدت منذ وفاة والدي عام ١٩٦٥ وإلى الآن، أتت من خلال عملي في إدارة وتنمية ثلثه الخيري، رحلةٌ شابتها سنونٌ خضر وأخرى عجاف، فتراتٌ من الود وأخرى في المحاكم، لكن لم تغيّر تلك التقّلبات في العلاقة والاحترام والود المتبادل الثابت في ما بيننا كورثة ومجلس إدارة.

فالخلاف لم يخرج يوماً عن المهنية وإطار الموضوع، وظلّ بوصافي مرجعاً أعتزُّ برأيه. ويتميز هذا الإنسان الخيّر بالدقة والقراءة لكل ما يكتب والتحضير المسبق للاجتماعات، وتقدمه في العمر لم يغيّر أبداً من نظامه. فإلى آخر اجتماع بحضوره قبل شهر لم ألحظ أي تغيير في أسلوبه ونقاشه. والحق يقال، لدى إعدادي أي مذكرة لعرضها على المجلس أصيغها واضعاً بوصافي نصب عينيّ، فأضمن وبقدر المستطاع، الإجابة عن أسئلته الدقيقة المتوقعة. ولا أخفي سراً، وفي بعض الأحيان ضقتُ ذرعاً من بعض قراراته، لكن الأيّام أثبتت لي صحة وجهة نظره، وجنبتني وثلث والدي الكثير من المشاكل. فنحن ندير أموال وصية لها خصوصيتها وحرمتها والحذر واجب.

واليوم قرر العم بوصافي الترجّل عن فرسه وارتأى التقاعد وهذا من حقه، وكم أتمنى أن يتبنّى تلفزيون الكويت وكذلك المجلس الوطني للثقافه والفنون تدوين سيرة رجالات الكويت وتجاربهم، فذاكرتهم تمثل جزءاً من تاريخ الكويت تجب المحافظة عليه، ولا أخلي هنا مسؤولية العائلات الكويتية الكريمة صاحبة التراث عن تدوين رحلة حياة رجالاتهم وحفظ تراثهم للأجيال القادمة، فلكلٍّ من هؤلاء الرجال تجربة تستحق التدوين. وأقول أن تكريمهم على حياتهم واجبٌ علينا كمجتمعٍ مدني وكذلك كحكومة، فالأيام تمضي سريعاً والعمر يتقدم والتدوين واجب.

العم بوصافي شكراً جزيلاً على كل نصيحة قدمتها لي شخصياً أو توجيهاً لمسيرة ثلث والدي. وكذلك شكراً لمتابعتك وقراءتك مقالاتي التي كلما سمعتُ تعليقاً منك عليها أبتسم وأقول أنك من القلة التي تملك القدرة على قراءة ما بين السطور.

ويطول لي بعمرك ويديم عليك الصحة والعافية.

 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠١٧ ( الرابط الالكتروني ) 

ترجّل فارس  Pdf

عدد الزائرين:

276 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr