ليستر سكوير

 

 

 

قبل ثلاثين عاماً، ما كنت لأتخيّل دخول هذه المنطقة من لندن، لكن ومن خلال مشروع كبير قامت به بلدية لندن تطورت تلك المنطقة وأضحت محجّاً للسياح من كل الجنسيات وعلى مدار العام، وتتمتع بدرجة عالية من الأمن والأمان. طبعاً هذا لا يمنع حدوث سرقات هنا وهناك، لكن بالمجمل تجد عدداً كبيراً من جموع الناس يقصدون هذا الميدان. وبعد افتتاح متجر «إم آند إم» الشهير ويتبعه قريباً افتتاح متجر ليغو لاند للأطفال، وفر هذا الميدان خليطاً متنوعاً من وسائل الترفيه لكل الأعمار والأذواق، سواء العائلية منها أو المحافظة، أو من يرغب في «الصياعة»، كما يقال بعاميتنا. لكن لا يختلف اثنان على أن القادم لهذا السكوير هو قادم للترفيه ولا لشيء آخر.

والمقال ليس بهدف التسويق للميدان، بل لإشراك القارئ معي في موضوع حصل أمامي هناك واكتساب الحكمة منه. ففي يوم أحدٍ مشمس وفي طريقي مع أحفادي الى متجر «إم آند إم» لاحظت مجموعة من الاشخاص من المسلمين يرتدي بعضهم الدشاديش والقحافي، حاطين طاولة وسماعات ومعليين علي الصوت ومعهم منشورات اسلامية الطابع ويعترضون المارة، داعين للإسلام.

توقعت أن يمنعهم أحد عن ذلك لكن هذا لم يحدث. إلا أن أحد هؤلاء اعترض أحد المشاة الانكليز ومعه زوجته والظاهر كلموه عن الإسلام أو شيء من هذا القبيل، فتوقف الانكليزي، والظاهر هو من محبي الجدل، وبعد قليل ارتفع صوت الرجل وبدأ بالسب والغلط. حاولت أن أنصت عن بعد من دون الاقتراب منهم، ووصلني أن ما أثار غضبه يتعلق بالتعميد لأن الظاهر أحد هؤلاء الشباب تناول هذا الموضوع فأخذ صاحبنا بالصياح ووجه خطابه للعامة، وهو يقول هذه أرض كاثوليكية.. وفقط كاثوليكية ولا يحق لأحد التعرّض للمسيحية مهما كان. وبخضم الصراخ وخلال ثوانٍ لاحظت حضور ثلاثة من أفراد الشرطة، فلم يتدخل أحدهم بالحديث ولا أخذ أحدهم جانب أحد الطرفين ضد الآخر.

وبعد الصراخ المتبادل، مشى الانكليزي في طريقه وهو يسب، واستمر المسلمون في عرضهم. والسؤال: «أولاً لو جاءنا مسيحي وحط طاولة في المباركية وقام يصلب ويدعو الناس إلى المسيحية تتوقعون شيصير فيه؟! وثانياً على كل الهوشة اللي صارت لم يرفع أحد يده على الثاني ولم تتم مخالفة للقانون»، وفي الكويت قد يقتل أحدهم على خزة. ومع كل التهديدات الأمنية وبعد حادث الطعن الذي قام به مواطن من أصول صومالية وتهديدات «داعش»، تصرفت الشرطة بمهنية وبحذرٍ وتأهبٍ شديدين من دون الدخول في نزاع لا يخرج عن حرية التعبير وتقبل المارة ما يقوم به هؤلاء الشباب، ولا قالوا لهم شيلوا طاولتكم وروحوا إيدجور رود مثلاً.

فعلاً بريطانيا بقوانينها تستحق لقب العظمى.

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ٢٢ أغسطس ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني)

 

لستر سكوير Pdf

عدد الزائرين:

110 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr