ضمن سلسلته التاريخية على جريدة القبس المعنونة ”التاجر الأسوة في كويت الماضي“، يتناول الدكتور عبدالمحسن الجارالله الخرافي التاجر المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان وكيف تجسد قصة بنائه جامع العثمان في بحمدون في جبل لبنان قدوةً يحتذى بها في التسامح والمحبة. ونعرض للقارئ الكريم نص المقال.
التاجر عبدالله عبداللطيف العثمان يؤصل منطلقاً جديداً لشراء عقاراته
الإسلام دين التسامح والمحبة والسلام، وقد انتشر بهذه الأخلاقيات العظيمة في ربوع الأرض تأسياً بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي امتدحه ربه قائلاً: «وإنك لعلى خلق عظيم». (القلم: 4).
وقد انتشر الإسلام باللين والرفق بالآخرين والتسامح معهم.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». (رواه البخاري وأحمد).
من المنطلق الإسلامي والإنساني العظيم كان التاجر الخلوق عبد الله عبد اللطيف العثمان متسامحاً ليناً في التعامل مع غير المسلمين، كان يتعامل معهم بالحكمة واللين والرفق والمعاملة الطيبة، ليبرهن على الصورة الجميلة للإسلام والمسلمين، وليدحض بذلك أي اتهامات أو أباطيل تشوه صورة هذا الدين العظيم.
لقد أصل هذا الرجل لنفسه منطلقا جديدا لشراء عقاراته وعمله التجاري في لبنان عن طريق التسامح والكرم ومساعدة المسيحيين، وترميم دورهم ودعم فقرائهم ومساعدة أيتامهم، وعدم إزعاجهم في مناطقهم، فحينما أراد هذا التاجر العظيم ــ رحمه الله ــ بناء مسجد بحمدون في لبنان، وهي قرية مسيحية محاطة بقرى من الطائفة الدرزية، وتعد هذه القرية من المناطق المحببة للكويتيين، توجه بطلب رخصة البناء ليواجه حينها بكثير من التردد، وكان من شأن ذلك أن يعرقل العمل في بناء الجامع، لما قد يسببه من حساسيات.
وفي سبيل بناء الجامع الأول في التاريخ في جبل لبنان ارتأى المرحوم عبد الله العثمان بحكمته أن يسير في درب التسامح والمحبة، الذي هو جوهر الإسلام ورسالته، فقام بترميم كنائس ورعى دور أيتام للطائفة المسيحية في منطقة بحمدون اللبنانية، وبعد أن رأى أهل المنطقة من هذا الرجل ما تطمئن له قلوبهم كان له ما أراد، وتم بحمد الله بناء المسجد.. إلا أنه بعد تدشين المسجد بدأ بعض الأهالي المسيحيين من أصحاب المنازل القريبة من المسجد بالشكوى والامتعاض والتذمر من صوت الأذان، واشتكوا من إزعاج مكبرات الصوت لهم، فزاد ذلك التاجر عبد الله العثمان تسامحاً، ومرة أخرى يذهب إليهم ويمد لهم يده بشرائه لكل البيوت المجاورة للمسجد حتى آخر بقعة يصل إليها صوت الأذان، اشترى كل البيوت بأسعار مضاعفة، وكانت مقولته المشهورة «اشتري وبضعف الثمن كل العقارات المحيطة بالجامع وإلى مد الصوت»، فتحقق له ذلك، ووصلت ملكيته في جبل لبنان إلى ما يزيد على مليوني متر مربع.
كان هذا الموقف وأمثاله يعكس أسباب الخير والبركة والنماء حتى أصبح وقفه من أكبر الأوقاف في دولة الكويت.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الأحد العاشر من مارس عام ٢٠١٩ (الرابط الالكتروني)