أنت أبوي
في زيارة رمضانية بصحبة الأسباط لديوان الأخ العزيز براك الشيتان المدير العام للهيئة العامة لشؤون القصر، الديوان العامر الذي أغلقه صاحبه طوال العام إلا من أيام معدودات في رمضان وذلك لالتزامه الكامل بإدارة الهيئة، فما استلمه تركة ثقيلة متخمة بالمشاكل والهموم. وبقدر ما أكتب فلن أفي هذا الإنسان حقه، وذلك ليس برياء او مديح. والحق يقال فأنا لم أعرفه قبل تقلده إدارة الهيئة، وعلاقتي مع الهيئة هي فقط من خلال مشاركتي في إدارة ثلث والدي، والحمد لله وبفضله فلا حاجة لي عند أحد، لكني أتكلم كمواطن أسعد عندما أرى الارتقاء بالعمل الحكومي، مثلما أحزن عندما أرى عكس ذلك. وكما يقال «الخيل بخيالها»، فلا يمكن لفرس عربي أصيل أن يفوز بسباق وخياله غشيم. فالتعيينات الحزبية، أو كما يطلق عليها هذه الأيام البراشوتية، التي تجري أحيانا على رأس المؤسسات لمن هم ليسوا أهلاً لها لن تؤدي إلا إلى تصدع البنية التحتية لها. وفي وقت قصير نجدها تثقل بالفساد وسوء الخدمات، والخاسر هو الوطن والمواطن. وأرجع لموضوعي عن بوعلي. فحال دخولي ديوانه وجلوسي بجانبه طلع تلفونه وأراني صورة لقاصر مع والدته يقدمان شهادة شكر لبوعلي، وأخبرني بقلب متأثر أن هذا القاصر قال له: «أنت أبوي». فرددت عليه وقلت له: «أنت أب لـ٤١ ألف قاصر». وانقطع الحديث لتوافد المهنئين وقلت اكمله بهذا المقال. فأنا أعرف شعور هذا القاصر، فقد كنت قاصراً تحت رعاية الهيئة يومًا من الأيام، ولرعاية القصر مدرستان: الأولى ترى أن أولوية الرعاية هي المحافظة على أموال القصر وتنميتها، والأخرى ترى أولوية رعاية القاصر في الناحية الاجتماعية والتربوية. ومن خبرتي بشؤون القصر التي امتدت لأكثر من ٥٣ عاما فقد تمثلت الهيئة بالمدرسة الأولى، والرعاية الاجتماعية الحقة جاءت بمجهود فردي على حسب المسؤول، وأخذت تتبلور أكثر مؤسسياً بعهد الفاضل عبدالمحسن المجحم ونائبه المستشار عبدالرحمن النمش، ومن ثم تقلصت بشكلٍ كبير إلا من مجهود الأخ الفاضل أنور بورحمة. وخلال السنوات الثلاث الماضية ارتدت الهيئة حلتها الجديدة وبدأ التوازن في ما بين الخدمتين المالية والاجتماعية. وبدأ المشمولون بالرعاية يستشعرونه إيجاباً وتجلى بوضوح بحفل تكريم المتفوقين من القصر الذين بلغ عددهم ما يقارب الـ٧٠٠ متفوق، وكذلك تكريم الموظفين المثاليين وما نسوا تكريم المتقاعدين في لمسة وفاء جميلة، وأنا أدري بجعبة بوعلي لأبنائه القصر الكثير الكثير وكما جاء بالحديث «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ»… فطوبى لك بوعلي فأنت كافل وأب لواحد وأربعين ألف يتيم.
وأختم بنصيحة لكل القياديين وأقول: للتاريخ جادتان: الأولى تؤدي إلى «مجده»، والثانية تؤدي إلى «مزبلته» والخيار بيدكم. فإن أحسنتم فهو لوطنكم ولأنفسكم، وإن أسأتم فترى أهل الكويت ما ينسون.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الخامس من يونيو عام ٢٠١٨ (الرابط الالكتروني)