استكشاف حولي (2)

essay image

كنتُ قد تطرقتُ في مقالٍ سابق للحديث عن ورشة عمل «استكشاف حولي»، التي عمل عليها فريق مركز البروميناد الثقافي ضمن مشروع «خريطة حولي الثقافية»، الهادف إلى تسليط الضوء على المعالم التاريخية والتراثية التي تتميز بها منطقة حولي بنسيجها المعماريّ الفريد، واسمحوا لي قرائي الأعزاء في هذا المقال أن أستكمل هذه الجولة الاستكشافية المليئة بالغنى الحضاري. وموضوعنا لهذا المقال هو الورشة الثانية التي عمل عليها المركز، والتي أتت تحت عنوان: «ورشة عمل مركز العثمان»، وتمت بالتعاون مع منصة إناراتيف ومع المدرب والمهندس المعماري مشاري النجار، الذي يمثل الشاب الكويتي المبدع والخلاق، ولعل أبرز ما يميز هذا المركز هو التصميم المعماري الفريد الذي يصعب العثور عليه في مبان أخرى في الكويت، إذ عمل على تصميمه المهندس المعماري البولندي فويتشيخ يارزومبك المعروف بلقب «ملك هندسة الكيتش المعمارية»، الذي عكس وبكل ذكاء عنصرين مهمين من المباني التاريخية على هذا المبني، فتلاحظ البلكونات الدائرية التي تنتهي بقبة خضراء، وما هي إلا انعكاس هندسي لمئذنتي جامع العثمان، اما العنصر الآخر عكس «الدروه» التي تعلو اسوار بيت العثمان على «دروه» الجزء التجاري من المبنى. وللاسف بالوقت الذي حافظ ذلك المعماري الفذ على روح العمارة الكويتية قام المجلس الوطني عند ترميمه لبيت العثمان قبل ١٥ عاما بإزالة تلك الدروه ذات الطابع الكويتي واستبدل بها «دروه» من الطابوق (الآجر)، الذي ليس له علاقه بالعمارة الكويتية، والى يومنا هذا ماني مستوعب ذلك الاجراء، المهم برجع للورشة التي كان الهدف منها تسليط الضوء على هذا الأسلوب المعماري الفريد عبر دراسة حالة المركز وتوثيقه من خلال فن الطباعة بالقوالب، ولا بُدَّ من الإشارة إلى أن هذا المركز كان، ولا يزال، يجذب الانتباه إليه بتصميمه الفريد وتنسيق ألوانه، ولم تقف جهود القائمين على مركز البروميناد الثقافي عند هذا الحد، إنما استكملوا جولتهم الاستكشافية في منطقة حولي بالتوجه إلى «مجمعي النقرة الشمالي والجنوبي»، اللذين يُعدان من المباني التراثية لهذه المنطقة، واللذين يُضفيان عليها بصمةً خاصة، فعملوا بذلك على توثيق التغيرات وعوامل الزمن التي طرأت على هذه المباني، بورش عمل بدأت برسم الخرائط التجريبية والمخططات التي تصف حالتها، لينتقل بعدها المشاركون إلى مرحلة تجسيد هذه المباني كل بحسب تصوره بإنشاء مطبوعات مستوحاة من العناصر المعمارية، فكانت النتيجة بالحصول على قطعتين من النسيج، قطعة بعنوان «الحلم» وقطعة أخرى بعنوان «الواقع»، جسَّد المركز من خلالها هذه المباني ليتم عرضها فيما بعد في معرضٍ خاص، وذلك بعد اكتشاف وتجسيد المزيد من المباني التراثية، طامحين بذلك إلى تكوين مجموعة غنية من الوثائق المتعلقة بالتراث الثقافي لمنطقة حولي، التي ستفيد الباحثين والطلاب والمجتمع بصورة شاملة، وبمثل هذه الجهود المبذولة والمبادرات الخلاقة نتمكن من الحفاظ على الهوية التراثية والمعمارية لمنطقة حولي بشكلٍ فنيٍّ وجماليٍّ يعكس روح الأصالة في هذه المنطقة، آملين أن تطبق مثل هذه النشاطات والمبادرات في مناطق أخرى من وطننا الكويت، نحفظ من خلالها المعالم التراثية في الكويت بأساليب فنية وحضارية راقية.

***

بعد نشر المقال السابق ارسل لي الاخ والصديق القديم إياد السري هذا التعليق، انشره كما جاء: «عساك على القوة...

لعائلتي، تاريخ قديم وذكريات في حولي، تعود إلى جد والدي عثمان بن عثمان بن سري، الذي كان من اوائل من سكن حولي...

والمقصود بسكن حولي، هو ان غالبية الكويتيين كانوا يعتبرون حولي مصيف، ويعودون بعد الصيف الى منازلهم الأصلية في الديرة...

اما جدنا عثمان فقد استوطن فيها...

واذكر اني تعلمت بيت الشعر ولا اعرف قائله:

مـاي حـولـي مثـلـه مـا دار

لا في فحيحيل ولا في آباره

واقول للاخ بوعبدالرحمن إن شاء الله ورشتنا القادمة ستكون بحثاً مستفيضاً لحصر وتدوين تاريخ كل العوائل الكويتية، التي استقرت في حولي والنقرة منذ النشأة...

وكذلك جاءني تعليق جميل من معالي محافظ حولي الاخ علي الاصفر، يقول فيه: «الف شكر بوعبدالله، والمحافظة والمحافظ وكل العاملين داعمين لأي جهد، وتستاهل حولي وتستاهل كويتنا الغالية أرض الآباء والاجداد».

واقول مشكور بوسالم، دعمك وجهدك لخدمة المحافظة يُفتخر به...

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثالث من سبتمبر 2024 (الرابط الإلكتروني).

استكشاف حولي (2) -  PDF