دوري المدارس
كلنا شاهدنا نتائج منتخبنا الأزرق في مباريات تصفيات كأس العالم، وأكيد تلك النتائج لا ترقى إلى أقل طموحات محبي الأزرق، والكل يتساءل: وين المشكلة؟ هل هي الخلافات المزمنة بين أقطاب الكرة المتنافسين، أم تقاعس الاتحاد وأعضائه، أم المدرب، أم قلة الدعم المالي؟ يمكن يكون كل ما سبق له تأثير، ولا شك في ذلك، ولكن باعتقادي المتواضع ليس هذا هو «أصل المشكلة»، ولو يتغيّر الاتحاد والمدرب مئة مرة، ولو يتصالح المتنافسون ويصيرون «ربع»، ولو تُصرف الملايين على الفريق، ترى ماكو فايدة، فالمشكلة في نوعية اللاعب نفسه، ترى ما عندنا مصنع للاعبين من المواطنين، وأقصد أن منابع اكتشاف وتأهيل اللاعبين الموهوبين قد نضبت، والأندية في الدوري استعاضت عن هذا النقص بالمحترفين، ولكن المنتخب لا يمكنه الاستعانة بمحترفي الخارج كبعض المنتخبات حول العالم، والتي يسمح نظامها بتجنيس محترفيها، وكوني ممّن عايش العصر الذهبي للكرة الكويتية منذ الستينيات من القرن الماضي، من أيام إبراهيم الدريهم وعيسى الجساس ومحمد شعيب وجاسم يعقوب، وغيرهم من عمالقة الكرة، ومن يوم ما كانت ملاعبنا ترابية غير مزروعة، كنا في القمة، وقد كان تألُّق الأندية والمنتخب يتماشى مع تألُّق الرياضة بمجملها في المدارس، نتيجة حرص وزارة التربية في ذلك الوقت على الأنشطة الرياضية. وأذكر جيداً الدوري المدرسي الموازي للدوري العام، فقد كان لكل لعبة رياضية فريق من المدرسة، يشارك في بطولة دوري المدارس، وكانت كل مدرسة حريصة على فوز فريقها، وكانت غرفة الناظر تزدان بالكؤوس، التي حصلت عليها فرق مدرسته، وكان الدوري للمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وفي ظل دوري المدارس، كان محبو الكرة من الطلبة يتبارون في ما بينهم، بعد فترة المدرسة، في الساحات الترابية القريبة من منازلهم، ولهم فرقهم وجمهورهم، وكانت الأندية ترسل كشافين من قِبَلها لحضور دوري المدارس، وكذلك مباريات الشباب في الساحات الترابية، فمن هنا ظهر لنا نجوم الكرة الكويتية، وكان هذان هما نبع ومصنع النجوم، اللذين أُهملا، فأضحى مصدر الأندية من اللاعبين الجدد محدوداً، وأعتقد أنه إذا أردنا العودة إلى النجومية، فإنه يجب علينا الرجوع إلى الأصل، ويجب أن تتعاون الاتحادات الرياضية مع وزارة التربية، لدعم الأنشطة الرياضية وإعادة إحياء دوري المدارس، وبالتوازي، فإن عدد الأندية المتبارية في الدوري بدرجتيه قليل، ويتطلب زيادة عدد الأندية، خصوصاً في المدن الجديدة، ولربما السماح وتحفيز الشركات الكبيرة، مثل شركات قطاع النفط والاتصالات، وحتى الجيش والشرطة، أن تكون لها أندية أو فرق رياضية تشارك في الدوري، وأعتقد أن ذلك معمولٌ به في بعض الدول العربية، فكلما ازداد التنافس زادت فرصنا في النهوض بمستوى الرياضة في هذا الوطن، فعلى القائمين على القطاع الرياضي، خصوصاً وزارة الشباب ووزارة التربية، البحث عن حلول جذرية وأفكار جديدة، وهذا ليس بصعب، ولا مستحيل، إن صدقت الرغبة في إصلاح هذا القطاع، نعم هو مشروع كبير، وتنفيذه يأخذ وقتاً طويلاً، ولكن نتائجه واعدة، والكويت تستاهل التعب.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء التاسع والعشرون من أكتوبر 2024 (الرابط الإلكتروني).
دوري المدارس - PDF