قانون الأراضي الفضاء

essay image

تكلمنا في المقال السابق عن أهمية جودة صياغة القوانين والقرارات ومدى توافقها مع أرض الواقع بعد التطبيق، بعيداً عن مبدأ «التجربة والخطأ»؛ لأن مثل هذه السالفة تعفس المواطن، وقبله الجهة المطبقة للقانون أو القرار، واليوم بتكلم عن قانون الأراضي الفضاء الذي شرّعه مجلس الأمة السابق بهدف الضغط على أسعار العقار السكني نزولاً، من خلال تخفيض الحد الأقصى للمواطن في تملك أرض فضاء من غير رسوم من ٥٠٠٠ متر إلى ١٥٠٠ متر، وزيادة الرسوم بشكلٍ تصاعدي يبدأ بعشرة دنانير للسنة الأولى ابتداءً من العام القادم وينتهي بمئة دينار للمتر في السنة الثالثة، بالإضافة إلى منع الرهن والاقتراض على السكن الخاص ما عدا البيت الأول، وأضافوا بندين عجيبين غريبين: الأول أن الأرض تُعتبر فضاء ما لم يكن البناء بنسبة %50 من مساحة الأرض، والثاني أنه لا يُعتد بالبناء حتى إيصال التيار الكهربائي، تمام خلونا نحلل قليلاً هذا القانون وهل حقق أهدافه، كتبنا وكتب غيرنا واجتمع الكثير من أصحاب الاختصاص مع لجان مجلس الأمة، ولكن وكما يقال بعاميتنا «عمك أصمخ»، فالجماعة يسعون وراء ملكيات لعدد من الأشخاص يُعدون على الأصابع، ويلهثون وراء قوانين شعبوية تحاكي عواطف المواطنين المنتظرين للرعاية السكنية لأكثر من عقدين من الزمن، رامين بالمسؤولية على ملاك العقارات، متناسين بأن تخفيض سعر العقار مرهونٌ بزيادة العرض على الطلب، والكل يعلم بأن الرقعة الحضرية في الكويت لا تزيد على %5 من مساحة الكويت، فلا أراضي فضاء بتلك الكمية القادرة على توفير العرض الخافض للأسعار إذا لم تقم الحكومة بتحرير المزيد من الأراضي وطرحها للبيع المباشر للمواطنين، وبكل الأحوال دعونا نماش آراء هؤلاء النواب ونسألهم: بعد عام من تطبيق القانون والتضييق على الناس، هل انخفض العقار السكني بالقدر الذي وعدوا به الناس؟ شخصياً أتمنى ذلك، ولكنه غير واقعي، ويمكن الرجوع إلى تقارير المختصين، زين، خلونا نرجع إلى مثالب هذا القانون الأعرج الذي منع الرهن والاقتراض إلا للعقار الأول، والذي أعتقد بأنه خرج عن المعقول، حيث إن المعمول به في المصارف هو عدم تمويل العقار الذي يسكنه العميل لأنهم وبموجب القانون ما يقدرون يبيعونه بالمزاد حتى ولو تخلف العميل عن السداد، وكذلك إذا اقترض المواطن وبعدها باع بيته وأراد شراء آخر، فهو محرومٌ من ذلك كون القانون نص على السماح للبيت الأول فقط، زين واحد عنده بيت وعنده شاليه يبي يبنيه، ليش يُحرم من الاقتراض؟ وفي ناس يرغبون في رهن منازلهم لأغراض غير عقارية مثل شراء أسهم أو لعلاج أو لأي أمر آخر، أيضاً ليش يُحرم من التصرف بما يملك، إن الرهن والاقتراض لغرض غير السكن الخاص أمر ما له علاقة بتخفيض أسعار العقار، بل هو تقييدٌ لحرية المواطن بما يملك، أما ما جاء في تعريف الأرض الفضاء بأن تقل المباني عليها عن نسبة %50 من مساحة الأرض، فطبعاً هذه الجزئية من القانون، وكما يُقال «انسلقت سلاق» وقت التصويت على القانون، فالأصل على ما أذكر %40 من نسبة البناء، وبعد مداخلة أحد النواب تحولت إلى %50 من مساحة الأرض، وطبعاً هذه مشكلة بحد ذاتها وستواجه المواطنين من أصحاب المنازل في منطقه الشريط الساحلي والممتد من دوار البدع إلى أبوالحصاني فقانونه يختلف عن بقية المناطق، فالقسائم هناك وبموجب القانون لا تقل تفرز بأقل من ٧٥٠ متراً ومعظمها نظمت من قبل البلدية بمساحات لا تقل عن ٢٠٠٠ متر ونسبة البناء هناك %150 وليس %210 أسوةً ببقية المناطق فالاصل بطبيعة القانون ان تكون المساحات الخضراء في المنازل اكثر من المباني، ومعظم السكان هناك منازلهم رأسية على ثلاثة أدوار والنسبة الأكبر من الأرض حديقة وهناك الكثير من المنازل ذات صفة القصور بالحجم والمساحة الخضراء تزيد على %50 من مساحة الارض، هم هذول شنو بيسون بمنازلهم؟ يعني الشغلة راح تنعكس سلباً على نظام البناء والذي أضحى يتناقض مع هذا القانون وسوف يحول الكويت الي كتل خرسانية وملاحق وشبرات، ويعني شنو الحل؟ اراض بمساحة الفين متر ولا تفرز شنو بيسون اصحابها؟ هل يقومون بازالة حدائقهم وبناء ملاحق حتي الوصول الى النسبة المطلوبة مثلا، هم إذا الواحد بنى أرضه وبالنسبة اللي يبونها أيضاً تعتبر أرض فضاء إلى حين إيصال التيار الكهربائي، والكل عارف أن إيصال التيار من قبل الوزارة قد ياخذ أشهر، ومو معقول بيت خالص ومبني وناطر الكهرباء، تقولون له أرضك فضاء ادفع رسوم عليها؟ فتجاوز القانون هدفه بتقليص الأراضي الفضاء بإعمارها إلى حيرة ومشقة للمواطنين، وآمل من حكومتنا الرشيدة إعادة النظر به ليخلو من تلك المثالب!

ونرجع لقانون آخر متعلق بالعقار في مقالٍ قادم.

وتسلمون..

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثامن والعشرون من يناير 2025 (الرابط الإلكتروني).

قانون الأراضي الفضاء - PDF