هارودز

 

 

المتجر البريطاني المتميز الذي أسسه تشارلز هارودز عام ١٨٣٤، بدأ متجراً صغيراً، ونهض به حتى أضحى معلماً كبيراً. تجربتي مع المتجر بدأت أواخر السبعينات فترة اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، التي كانت سبباً أساسياً لهجرة السياح الخليجيين إلى لندن، ومن هؤلاء والدتي حفظها الله. فآخر صيفية لها في حمانا كانت عام 1973، وأذكر الحادث ما بين شباب كويتيين مع مغاوير من الجيش اللبناني، والتي ابتدأت من بحمدون وانتهت بحمانا؛ فكانت أول شرارة عنف تجاه المصطافين الخليجيين، وبعدها بكم شهر اشتعلت الحرب، ولم أعد إلى منزلنا في حمانا إلا عام ١٩٩٢، وكنت بضيافة صديقي المرحوم غسان الدويسان القائم بأعمال السفارة الكويتية بذاك التاريخ.

ذهبت إلى المنزل الذي تظلله شجرة لوز عجوز وطرقت الباب، فاستقبلني محتل المنزل، وقام بلزوم الضيافة فسألته عن جيراننا جورج وزوجته أديبة بتوصية من والدتي فأجاب صاحبنا: جورج قوصناه وأديبة في العصفورية! قلت بقلبي الله يستر شنو جابني عندهم؟ ووجّه لي صاحبنا سؤالاً مباشراً: انتي جاي تاخد البيت؟ وبكل تلقائية أجبته: لا أنا جاي أشوف إذا ما زال عندكم لوز من الشجرة حتى أفرح الوالدة. ما قصّر عطاني كيساً وتشكرت منه، وبلغت الوالدة انسي لبنان وخليك على لندن أبرك.

وعودة إلى «هارودز»، فهذا المتجر تحبه الوالدة ودائمًا منذ ذاك التاريخ أحرص على مرافقتها في تسوقها هناك. ففي الأيام الأولى كان يسمى متجر الملكة، وكان قمة في الرقي، وبعدين شراه رجل الأعمال محمد الفايد وعكس صراعه مع البريطانيين من خلال متجرهم وصرف عليه ٣٠٠ مليون جنيه حتى يحوّله إلى أهرامات الجيزة، وآخرتها وضع رسوماً على دخول دورات المياه هناك، يعني إذا بتدخل الحمام تدفع جنيهاً، زين واللي ما عنده خردة شيسوي؟! حركة أساءت للمتجر وسمعته، ولا شك تحت ملكيته طغت المعاملة الجافة وانخفض المستوى العام. بعده ربعنا القطريون اشتروا المتجر وصار خليجياً، وعادت دورات المياه من دون مقابل وحطوا جلسات للقهوة العربية وأغلقوا مطعم الأطفال وفتحوا مطعماً لبنانياً، وبدأت ألاحظ انخفاض مستوى الصيانة والنظافة، ولأول مرة منذ ثلاثين عام أرى لمبات المصاعد الكلاسيكية القديمة مكسرة ومن دون إصلاح. والجديد هذه السنة ربعنا الخليجيون، ولا أتكلم عن العوائل والناس الأوادم وهم كثر، ولكن البعض من شبابنا وشاباتنا، تجدهم في المطعم اللبناني الذي أصبح مزاراً سيئاً، والغريب الجناح خاص بالنساء، لكن تلاقي الشباب أكثر من الشابات وكل من يخز الثاني ويتمقلون شنو لابسة وشنو حاط، بس الحمد لله محد يطق الثاني، مثل ما يسوون عندنا ببعض المجمعات، وأقول حسافة على بعض شبابنا الخليجي، فرغم ما يحملونه من تعليم فإن الثقافة والكياسة جانبتهم.

وتسلمون.

 

 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء التاسع والعشرين من أغسطس ٢٠١٧ ( الرابط الالكتروني

هارودز Pdf


عدد الزائرين:

325 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr