لمن تقرع الأجراس؟

essay image

وأخيراً قُرِع جرس تغيير المناهج «وغصباً عن أي بني آدم داخلياً أو خارجياً»، وكما صرّح وصدح عالياً معالي وزير التربية، ومن الفيديو المنتشر نقدر نحس بحرقة القلب التي يحملها معالي الوزير على ما آل إليه وضع التعليم في هذا الوطن، وشخصياً أشد على يد الوزير والقائمين على تغيير المناهج، وأقول: نبدأ الآن، وإن كنا متأخرين ١٥ عاماً، فذلك خير من ألا نبدأ ونظلّ وكما يُقال بعاميتنا «على طمام المرحوم»، وقد ذكر معالي الوزير أن حتى ابنه لا يعلم أن اسم الكويت السابق كان «الكوت»، وأزيد على ذلك، فهناك من الطلبة لو سألتهم عن مسؤولين كبار، ترى احتمال كبير ما يعرفون، وهذا ليس بجديد، فقبل أكثر من عشر سنوات سألت طالباً في المرحلة الثانوية الإنكليزيه، منو رئيس مصر؟ ما عرف، قرّبت له السؤال: منو رئيس إيران؟ عرف وقال: أحمدي نجاد، صاحبنا الطالب يعرف شنو تتناقله الأخبار العالمية وبس، وما يعرف شنو بمحيطه ولا داخل وطنه، وطبعاً طلبة المدارس الحكومية ليسوا بأفضل حال، وإن كان إلغاء مناهج التربية الوطنية بكارثة، فإن إضعاف مناهج اللغة العربية أصاب صُلب التعليم بمقتل، معالي الوزير، خذ وبشكل عشوائي ١٠ من طلبة الثانوية العامة، وشوف منو فيهم يعرف يكتب اسمه الكامل صح بالعربي ولا خطه مقروء، هني راح تبيّن المأساة، فالطلبة في المدارس الإنكليزية والأمريكية يدرسون تاريخ أمريكا وبريطانيا، لكنهم ما يعرفون شيئاً عن تاريخ وطنهم وأمتهم، واسأل نفس الطلبة العشرة وشوف إذا يعرفون شي اسمه الخلافة الأموية والعباسية أو سمعوا عنها، بل إن البعض ما يعرف أسماء وتسلسل الخلفاء الراشدين، معالي الوزير، شغلك صح فمناهجنا ركيكة وضعيفة ومليئة بالأخطاء حتى اللغوية منها، والفنون والآداب والرياضة منشؤها وحاضنها المدارس، وإن إلغاء حصص الموسيقى ويمكن الرسم مادري، وإضعاف الحركة الرياضية في المدارس هي أصل ما وصلنا إليه من تخلف بكل مجال، أيامنا في الستينيات من القرن الماضي وفي مدرسة الفارابي الابتدائية، كنا نشارك في دوري المدارس سواء كرة قدم أو يد وكل الأنشطة الأخرى، نعم كان هناك دوري لكل المستويات الدراسية، وكان هناك النشاط المدرسي بعد الدوام مرتين في الأسبوع، وأيضاً أذكر مشاركتي في فريق الموسيقى وعزف السلام الأميري كل صباح، وكذلك فِرَق التمثيل ونشاط المكتبة، كانت المدرسة خلية من النشاط والثقافة، وفي فترة الدارسة المتوسطة أُضيف النشاط العملي واليدوي إلى المنهاج، وصار عندنا ساعتان في الأسبوع يتوزع فيهما الطلبة كلٌّ على حسب توجّهه، فكانت هناك النجارة والكهرباء والموسيقى والخزف، مناهج تُطوّر الإمكانات المدفونة لدى الطلبة، معالي الوزير، في المتوسط درسنا كتاب «عبقرية خالد» و«عبقرية محمد» للكاتب الكبير عباس العقاد، وفي الثانوي كان هناك «هاتف من الأندلس» للكاتب التربوي الكبير «علي الجارم»، دراستنا كانت صج ومو غشمرة ودلع مثل ما هو حاصل الآن معالي الوزير اللغة العربية عماد الدين وعماد الثقافة وعماد التربية فإن فقدت وكما يقال سلم علي مستقبل ابنائنا ولا نلوم الا أنفسنا، وأقول لكل من انتقد كلمة الوزير والنبرة الحادة: ترى وضع التعليم وما آلت عليه يحتاج صرخة تدوي بعالم الضياع الذي وُضع أبناؤنا فيه، فكفاية علينا التدمير المُمنهج لهذا الوطن، ومن القلب أقول شكراً معالي الوزير، فقد أثلجت صدري كلماتك، وشكراً لحكومتنا الرشيدة، والشكر الأول والكبير ومن بعد الله سبحانه وتعالى لأميرنا المفدى، أطال الله عمره بالصحة والعافية، فها هي الأجراس تُقرع؛ أجراس التغيير والتطوير في وطننا الحبيب.

وتسلمون.

جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثامن والعشرون من أكتوبر 2025 (الرابط الإلكتروني).

لمن تقرع الأجراس؟  - PDF