حبس سيارة!

 

 

الظاهر أن أسلوب المرور من فك نمر السيارات المخالفة ورمي البراغي وتعذيب المواطنين لم يؤتِ أكله، فمؤخراً امتلأت الصحف بقرارات أخرى، منها حبس السيارة لمدة شهرين لأي سائق لا يربط حزام الأمان أو يستعمل التلفون أثناء القيادة عدا الوقوف على الرصيف. «زين خلونا نتفلسف شوي».. إذا كان المخالف هو السائق والسيارة تعود لرب الأسرة وهذا السائق استعمل التلفون وخالفتموه وحبستم السيارة، فما ذنب صاحب السيارة؟ السائق سيقضي الشهرين مرتاحاً، أكل وشرب ولا عمل، ورب الأسرة هو من فقد سيارته ويدفع راتب السائق مقابل لا شيء، ويفترض، وبالقانون، أن سائق السيارة مسؤول مباشر عن مخالفاته وليس كفيله، فعليه حبس السائق المخالف أو تغريمه فذلك أصح قانوناً وأعدل من حبس سيارة كفيله الذي لم يخالف! فهل يا تُرى هذا الإجراء رادعٌ «للسواقين اللي تارسين الشوارع؟» وفوق هذا السيارة المحبوسة عندكم، ما الضامن لنا أنها لن تتلف وتُسرق قطع منها! فها هي مناهيل الشوارع وكيبلات الكهرباء تُسرق وبعز النهار «ومحد قادر عليهم»، وما إجراءاتكم بالنسبة للسيارات الحكومية التي يقودها أفراد من «الداخلية» و«الدفاع» ويخالفون القانون، فهل تحبس سياراتهم؟! وماذا عن الوزراء وأعضاء مجلس الأمة وعلية القوم.. «شنو وضعهم؟!» ولا ننسى سائقي الباصات، فهل لديكم سجن للباصات أيضاً ولَّا القانون ما ينطبق عليهم؟!

إخواني في المرور.. والله أنا معكم في ضبط إيقاع المرور، لكنني أرى محاولتكم منصبة في معالجة النتائج وليس المسببات. فلن تحل مشكلة المرور ما لم نرجع إلى منبع الخلل، واسمحوا لي أن أتدخل بشغلكم شوي وأقول «نبي» مواطناً ملتزماً بالقانون، احتراماً وليس خوفاً، ولا يتم ذلك إلا بغرس الثقافة المرورية وأخلاقها بين المواطنين والمقيمين، ولتكن البداية عند الأطفال والتدرج بها في المناهج إلى ما قبل سن السادسة عشرة، وفي هذا العمر يمنح الطالب رخصة تعلم مدتها سنتان تتضمن التعليم المروري الفني والأخلاقي، يليها تعلم مهارة قيادة السيارة. وفي سن الثامنة عشرة يمنح الرخصة بعد نجاح حقيقي، مو مثل اللي حاصل عندكم الآن! فمتى ما أخذتم موضوع منح الرخص بشكل جدي وعلمي ستشهدون النتائج!

وثاني شيء ضرورة ضبط شوارعكم التي ينقصها الكثير من العلامات المرورية والصيانة، وكلكم مدعوّون لزيارة الجابرية والاستمتاع بالمطبات الحضارية اللي مكسرة سياراتنا! ولا ننسى البلدية التي من واجبها توفير مواقف السيارات وتشجيع – بل الفرض على ملاك العقارات توفيرها، وأخيراً الرحمة من سائقي التاكسي والباصات، «والله ماني عارف شلون تعطونهم رخص قيادة واتهدونهم بالشوارع؟!».

وأختم.. دون غرس ثقافة وأخلاق مرورية لدى المواطنين وضبط وربط آلية منح الرخص مع نفضة كاملة لصيانة الطرق وتوفير مواقف سيارات، «فماكو فايدة» والله يعين هذا الوطن.

وتسلمون.

 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الرابع عشر من نوفمبر ٢٠١٧ (الرابط الالكتروني)

حبس سيارة! Pdf

 

عدد الزائرين:

433 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr