وصفة عقارية ”البوكيمون“

 

 

 

كنت قد أخذت على عاتقي تقديم وصفات عقارية تفيد المواطن المقبل على بناء منزل العمر، وسأتطرق في أكثر من مقال للمقاولين، وأؤكد أن ليس كل مقاول غير جدير بالثقة، فكما يقال «إن خليت بليت»، ولكن هناك معادلة معقدة أدت إلى معاناة المواطن، وخلقت من المقاول شخصية من شخصيات «البوكيمون»، متنوعة الأشكال والأصناف، فطبعا الحكومة بأجهزتها دائماً وأبداً المصدر الأساسي لأي فوضى بأي قطاع تجاري، وعلى رأسها قطاع المقاولات. فكل تلك الأنظمة والقوانين المنظمة لذلك القطاع قد بليت وعفا عليها الدهر، وخلونا نشوف في الأول مشاريع الدولة وليش التعثر مع المقاولين هو الأساس وليش المشاريع التي نفذت من خلال إشراف الديوان الاميري أنجح وأسرع، ورجاء لا يعتقد أحد أن مشاريع الديوان أكثر كلفة، فمشاريع الحكومة تكلفتها أكبر لو تم حساب الاوامر التغييرية والتأخير وسحب المشاريع واعادة ترسيتها. وأعطي مثالا على مشروع شهد صراعا طويلا مع «الأشغال» والمقاول ومحد فينا فاهم شني السالفة. «الأشغال» رفضت تستلمه لسنوات، والكل اعتقد أن في هذا المشروع علة انشائية، وبعدين الجماعة استلموه وشغلوه. والسؤال منو الصاج ومنو الكاذب؟! في الواقع ان هناك خللا بالنظام جعل من المقاول يتفنن بالتلاعب، سواء بالمواد أو الوقت والأوامر التغييرية، والأدهى والأمر يكمن في فهمه للقانون وقدرته على تعليق المشاريع إلى حين البت بها قضاءً، ولا اعفي المواطن الذي أيضا يتفنن بتأخير دفعات المقاول وحرمانه من حقوقه. وأنا ما تكلمت عن الفساد والرشى والشركات التي تعود الى موظفين ومسجلة بأسماء أقربائهم. وخلوني أقول لكم قصة حقيقية حدثت قبل الغزو عن ثلاثة موظفين في البلدية وكلهم عندهم شركات مقاولات، واحد منهم متخصص في ترخيص الملاحق وتنفيذها وأبدع في المخالفات. وطبعا العميل الذي ينفذ من خلال شركته يأخذ مساحات وتراخيص فوق القانون، أو كما يعتقدها العميل قانونية ولا دراية له ان اللي أخذه إيصال التيار على مبنى مخالف. المهم كنت ابني عمارة واتصل علي واحد منهم، وكان زميل دراسة أيام المتوسطة وقال لي «أنا المقاول للعمارتين في ذات المنطقة وإذا عطيتني أبني لك راح أزيد لك بالمساحات». سألته «انت عندك عمال ومهندسين؟». أجاب «لا، عندي مقاول وافد أتعامل معاه». فقلت «يعني انت وسيط وربحك بتسهيل المخالفات». فاعتذرت منه ونفذتها من خلال مقاول آخر، ولكن القدر كان بالمرصاد لجاري فقد توفي صاحبي المدير بحادث وتوهق صاحبنا وما قدر يرخص المخالفات وتعطل سنتين الى ان سخر واسطة لإيصال التيار. القصة صج قديمة ولكنها ما زالت مستمرة وعندي من قصص «الموظف المقاول» ما يشيب له الرأس. فهذا فساد مشترك فيما بين المواطن والحكومة والمقاول، والمحرك لها قوانيننا.

ولنا تتمة مع المقاولين.

وتسلمون.

 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء العشرين من مارس ٢٠١٨ (الرابط الالكتروني)

وصفة عقارية ”البوكيمون“ Pdf

 

 

عدد الزائرين:

102 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr