شط العرب (١)

 

 

حفيدي الله يحفظه يحب ما هو قديم، خصوصاً مقتنيات جده التي تمتلئ بها مكتبته من أوراق وكتب وأفلام وغيرها، وهذا يسعدني، وعلى الأقل يعطيني اطمئنانا بأنها ستكون بيد أمينة. المهم وقع نظره على كتاب أحمر اللون يعود لوالدي، أهداه اياه مؤلفه اللبناني محمود قلعجي، وأخذنا نتصفحه. هذا الكتاب المصور يحمل عنوان «الكويت الحديثة» وتاريخه يعود لعام ١٩٥٦، وما إن تصفحته مع حفيدي عبدالله شدت ناظره صور لخزانات الماء الحديدية، وبعد سؤال وراه سؤال، وشرح عن تاريخ شح المياه في الكويت، ختم بسؤاله: «شنو يعني إسالة شط العرب؟»، فقلت له: «شنو عرفك بشط العرب؟»، فرد بابتسامة «شوفه مكتوب بأعلى الصفحة». وفعلاً كان هناك مقال حول الموضوع. ومع ان الكتاب عندي منذ خمسين عاما، فإني لم ألحظ ذلك. لكن الآن، بالتلازم مع ما نشر بالصحف بأن مخزون الماء في الكويت في حالة تلوث البحر، وتوقف إنتاج الماء، فلن يكفي البلد أكثر من ٩ أيام ـــ والصراحة ما أدري مدى دقة المعلومة ــ دعوني أنقل لكم ما كتب في الكتاب عام ١٩٥٦ ومن ثم نحكم. الخبر يحمل عنوان «أين وصل المشروع؟»، والمشروع اللي يتكلم عنه الكتاب هو إسالة مياه شط العرب للكويت، ويقول انه جرى الاتفاق مع خبراء فنيين لدراسة المشروع وتقديم توصياتهم. وبالفعل قدم الخبراء المكلفون تقريرين، أشاروا بهما الى أن شق قناة ليس بالأمر العملي بسبب التكلفة الباهظة، وغيرها من الصعوبات الفنية، لذا أوصوا باستعمال الأنابيب في هذا المشروع، وأقر مجلس الإنشاء التقريرين بصورة مبدئية، وطلب من الخبراء الشروع بتحضير المواصفات والتصاميم اللازمة لطرح المشروع للمناقصة والمتوقع أن تنجز من أربعة إلى ستة أشهر. ويكمل الخبر، «على هذا فإن المشروع الآن قد وصل مرحلة تحضير المواصفات، بحيث يمكن الشروع فورا في تنفيذ العمل عند إبرام الاتفاقية الخاصة بذلك مع حكومة العراق، ويقدر الخبراء تكاليف المشروع بأكمله بحوالي ٢٦ مليون جنيه بريطاني». وتحت عنوان «خيوط الفجر» يستكمل الحديث، «كان ذلك في يوم ٢٦ / ١٠ / ١٩٥٣، بينما كان مجلس الإنشاء مجتمعاً في بناية الشورى برئاسة الشيخ فهد السالم الصباح، عندما حضر أثناء الاجتماع السيد عبدالله الملا، سكرتير الحكومة، وأبلغ المجلس أن حضرة صاحب السمو كان يفاوض حكومة العراق بشأن إسالة المياه إلى الكويت من شط العرب، وقد تكللت مساعي سموه بالنجاح، والحمد لله وافقت الحكومة العراقية من حيث المبدأ على تزويد الكويت بالمياه، وقد أمر سموه ان يبحث المجلس أنجع الطرق وأسرعها لتحقيق هذا المشروع». هذا حلم كويتي منذ الخمسينات، ومن يومها مياه شط العرب مازالت تهدر بالخليج، ولا قطرة منها تروي أرضنا العطشى. وللحديث بقية في مقال قادم.

 وتسلمون. 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء السادس عشر من يوليو ٢٠١٩ (الرابط الالكتروني)

شط العرب (١) Pdf 

عدد الزائرين:

226 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr