قاصر ورحيل فارس

WhatsApp Image 2020 02 04 at 75237 AM

لا أحد يعرف كلمة قاصر أو يتيم بمعناها الحقيقي غير من كان كذلك، فاليتم مُرّ كالعلقم ومعاناة لا مثيل لها، تلك المعاناة عاصرتها بكل ما تحمل من همّ وألم، فعند وفاة والدي كان معظم أبنائه قصّراً، ولم يجد بُدّا إلّا أن يُوكل مهمة رعايتهم إلى دائرة الأيتام، كما كان يطلق عليها في ذلك الوقت، وقد عاصرت مديريها ومجالس إداراتها منذ عام 1965 وإلى الآن، وأذكر مرة دار حديث مع أحد المديرين بخصوص ما يتعلق بإدارة ثلث المرحوم الوالد، وصدف أننا نقف أمام نصب من الرخام الفاخر، وهو عبارة عن هرم، كل قاعدة تحمل اسم أحد المديرين، وعلى رأس الهرم الشيخ عبدالله السالم - طيب الله ثراه - وكل ما يجي مدير جديد يضيفون طبقة جديدة ويضاف اسمه، فلم أجد لغة أشرح لهذا الإنسان طبيعة الأمر إلّا هذا الهرم، فقلت له: تشوف هذا الهرم؟ الوحيد اللي ما لحقت عليه بتلك الإدارة هو رأس الهرم، أما البقية فجميعهم تعاملت معهم وكلهم ذهبوا، وسوف تذهب أنت ويذهب من بعدك، أما أنا فباقٍ هنا، والأفضل التعاون بما يخدم العمل الخيري ومصلحة الطرفين، وسوف يأتي يوم رحيلك ويبقى عملك، فإن أصلحت فالكل راح يقول جزاه الله خيراً، كان خوش ريال والنعم فيه ولا التاريخ سوف يخلدك بطريقته، وفعلاً رحل وأتى من بعده، ولكن الظريف بعد هذا الحديث اختفى الهرم من أمام مكتبه! المهم ثلاثة أحداث متتالية حدثت خلال أسبوع، حدت بي الى كتابة هذا المقال، فالأول تغيير بتشكيلة مجلس إدارة شؤون القصّر، فخرج الإخوة هزاع الحسيان ويوسف الغانم وعبدالرحمن الفارسي، وأقول لهم باسمي وباسم عائلتي شكراً جزيلاً وجزاكم الله خيراً، وللأعضاء الجدد الدكتور فؤاد العمر والدكتور حمود المضف والأستاذة هند الصبيح، الله يوفقكم ويعينكم على حمل الأمانة، وأما الحدث الثاني فهو الحفل السنوي لتكريم القصّر المتفوقين، وكذلك من تميّز بعمله من موظفي الهيئة، فشكراً لكل من اسهم في نجاح هذا الحفل، وأخيراً أنهي بأهم حدث لهذا الأسبوع الحافل ألا وهو مغادرة الأخ العزيز براك الشيتان منصبه كمدير عام للهيئة، وقبوله تولي حقيبة وزارة المالية، والصراحة هذا الخبر أقلقني لسببين: الأول الدور الكبير الذي قام به الشيتان بالنهوض بتلك الهيئة، ومدى أهميته لإكمال ما بدأ به من إصلاحات جذرية، والسبب الثاني قبوله حقيبة وزارية بتلك الظروف الملتهبة سياسياً بين مجلس على أبواب انتخابات وحكومة جديدة غير مجربة، مع أنه وأقولها وبكل أمانة «بوعلي» الرجل المناسب بالمكان المناسب، ولكن قد يكون في الوقت غير المناسب، وتمنيت أن أراه وزيراً فاعلاً بحكومة ما بعد الانتخابات، وأحب أرد على كل التغريدات التي تحاول الإساءة الى سجل هذا الرجل، فقد عاصرته عن قرب ومعرفة، فهو صاحب الخلق الحسن واليد النظيفة والسريرة النقية والمهنية العالية، ونصيحتي للمجلس والحكومة ديروا بالكم على الشيتان فهو مكسب لهذا الوطن. 

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الخامس والعشرون من فبراير  2020 (الرابط الإلكتروني)

قاصر ورحيل فارس PDF

عدد الزائرين:

94 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr