"دون كيشوت " والحالة الكويتية

WhatsApp Image 2020 02 18 at 8.13.46 AM

تعتبر رواية «دون كيشوت»، للكاتب الاسباني ميغيل دي ثيربانتس، إحدى أعظم الروايات العالمية، وتدور قصتها حول رجل أراد أن يُعيد أمجاد الفروسية التي عفا عليها الزمن، فارتدى دِرعاً مُتهالكة وامتطى حصاناً عجوزاً وحمل رُمحاً صدئاً، وجال يبحث عن أمجاد هنا وهناك مُسخّراً خياله بخلق أعداء وبطولات مستحقة إلى أن وقف أمام طواحين، فقرّر تخليص البشرية من شرورها فهاجمها ورشق فيها رمحه فرفعته أذرعها للفضاء ودارت به ورمته أرضاً فرُضّت عظامه وما خلص من درس الطواحين إلى أن رأى غباراً لقطيع من الأغنام يملأ الجو حتى يُخيل إليه أنه جيش جرار فيندفع بجواده إلى المعركة التي أتاحها له القدر ليثبت بها شجاعته ويُخلّد اسمه، وتنجلي المعركة عن قتل عدد من الأغنام وسقوط فارسنا تحت وابل من أحجار الرعاة. تلك الرواية قرأتها عندما كنت صغيراً وما أدري ليش تذكرت هذي القصة، وأترك «دون كيشوت» الاسباني وأرجع للحالة الكويتية التي تتجه إلى بُعدٍ جديدٍ ما عهدناه من قبل، وبمنظار محايد وحتى لا نقع بشرك الفعل وردّة الفعل والاستعراض والبطولات الوهمية ودّي أن أنصح الكل بخطورة ما يحصل في هذه الأيام العصيبة، فازدياد الشحن الشعبوي ضد الوافدين أمر غير مقبول وليس من شيمة الكويتيين، فلا يُمكننا أن نُحمّل انتشار الجائحة في الكويت عليهم، وإذا كان هنا من يجب أن يُلام فنحن من يُلام، فهؤلاء الضعفاء من اللّي دخلهم الكويت وتاجر بفيَزهم أليسوا كويتيين؟ وأوراقهم ولياسنهم من اللّي طلّعها أليست وزارتي الشؤون والداخلية؟ وبعدين يجب ألّا ننساق وراء ما يُنشر من إساءات في السوشيال ميديا ونُعمم على جاليات عايشة بينّا من دون أي مشاكل، ولا نتتبع تهييج الشارع من البعض، ولازم نعرف أن الانتخابات على الأبواب، والكل قاعد يجهز ويلمّع نفسه وهذا أمر طبيعي وموجود في كل الديموقراطيات، ولحكومتنا أقول طولوا بالكم على الناس وانتقاداتهم وخلوا عنكم رفع القضايا، لأنكم أنتم حكومة هذا الشعب، والتاريخ يقول هذا الشعب لا يمكن تكميم فاهه، وبعرج على هَبّة المنادات بتكويت الوظائف، وأبدأ بالبلدية وبقرار وزير البلدية بتكويت ما تبقى من وظائف في البلدية والذي اتضح، وكما نُشر في جريدة القبس، أن نسبة العاملين غير الكويتيين تصل إلى %7، أغلبهم يعملون في إدارة شؤون الجنائز! معالي الوزير ومع كل الاحترام تمنيت منك أن تُعلن حرباً على الفساد في البلدية فهي البطولة الحقة، وأيضاً أصبحنا نسمع بتكويت القضاء، وهذا من أخطر الأمور، فالقضاء الكويتي النزيه الشامخ صمام أمان هذه البلاد، فيرحم والديكم خلّوا هذا القطاع لأصحابه ولا تدخلونه في صراعاتكم، وقبل لا أختم عندي سؤال محيرني: لو كل مخالفي الإقامة استجابوا لدعوة وزارة الداخلية وسلّموا أنفسهم شلون الوضع راح يكون؟ وكم محجرا نحتاج؟ وكم وجبات غذائية؟ وكم راح ندفع للطيران؟ وحجم متطلبات السيطرة الامنية؟ يعني الله رحمنا ان اغلبية المخالفين ما استجابوا، القصد ان مشاكلنا عميقة ولا يمكن حلها بيوم وليلة وتحتاج الى تخطيط وحكمة وتوقيت صح وبعيد عن ضغط الشو الاعلامي والانتخابي. نصيحة للحكومة والمجلس كلها أربعة أشهر ومجلس جديد وحكومة جديدة، وعلشان خاطر هذا الوطن ما نبي تشريعات جديدة الى ذلك التاريخ! وكل عام وانتم بخير.

وتسلمون. 

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الأربعاء السابع والعشرون من مايو 2020 (الرابط الإلكتروني)

"دون كيشوت " والحالة الكويتية  PDF   

 

عدد الزائرين:

305 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr