ضبط وإحضار.. وتاجر البندقية

WhatsApp Image 2020 03 03 at 83258 AM

دخل قانون إلغاء الضبط والإحضار بحق المدينين حيز التنفيذ بتاريخ 25/‏7، وبهذا تلغى كل أوامر الضبط والإحضار والمقدرة بـ80 ألف مطلوب، يمثل الوافدون منهم %75 والبقية من المواطنين، وهذا الكلام أقتبسه من تصريح أحد المسؤولين بإحدى الصحف المحلية، ويرى هذا المسؤول أنه لا مبررات لإلغاء الضبط والإحضار، المهم أنا لست هنا لإعادة ما صرح به ولكن لدي تساؤل وتعقيب، وإنني إذ أتساءل لماذا هذا التصريح وبهذا الوقت؟ إن كان وجهة نظر شخصية لمسؤول يقوم على تنفيذ هذا الأمر ويراه من منظور تجاربه بهذا المجال فنحترم ذلك الأمر، ولكن إن كان يمثل رأي الوزارة فإنني إذن أستغرب، فهذا القانون أخذ ما أخذ من البحث والدراسة والنقاش في مجلس الأمة وأروقة الحكومة، وأُقر من قِبل كلا الطرفين وكان بيد مجلس الوزارء رد هذا القانون، وتمنيت عدم نشر تصنيف المستفيدين من وافدين ومواطنين، فهذا قد يثير المشاعر الفئوية والشعبوية بلا داع، طبعاً أنا متأكد أن المسؤول لم يكن هذا قصده ولكن المانشيت بالصحيفة مثير وقد يوجه القارئ إلى هذا الاستنتاج، وكوني عاصرت ولعقدين من الزمن ومن خلال عملي في البنوك التقليدية والإسلامية، فإنني أستطيع أن أنقل معاناة المدينين المتعثرين فكما يقول المثل «الذي يُجلد ليس كمن يعد الجلد» فقد رأيت أيام العمل المصرفي دموع عزيز قوم ذلّ، ورأيت الشريف المصلي والصائم يدخل السجن ويجاور المجرمين بمعاملة مالية، الصراحة شي يعور القلب، فكانت أول فكرة بإنشاء وحدة لمعالجة المديونيات الصعبة أسست على يدي، فغرست فكرة المعالجة وليس التحصيل، فالمعالجة تتطلب فهم الواقعة ووضع حلول لدعم العميل ومساعدته للخروج من أزمته، سواء بالتقسيط طويل الأجل أو إعادة تمويله لمساعدته للوقوف مرة أخرى، وفي الوقت نفسه وقفت بالمرصاد للمتلاعبين والذين لهم طرقهم لا بل هم أقوى بالتحايل على القانون، وعندي من قصصهم ما يشيب له الرأس، وكما يقال «بالصندوق الأسود» ما يكفي لسلسلة من الكتب، ولكن الله أمر بالستر، فيا عزيزي المسؤول أنت تنظر للموضوع من جهة تنفيذية وأنا أنظر له من جهة إنسانية، فمن هؤلاء المطلوبين الكثير من المظلومين والمخدوعين من قبل الدائنين، وإن كان ذلك لا يعفيهم من المساءلة القانونية، فكما يقال «القانون لا يحمي المغفلين»، وبعطيكم مثل حي علشان تعرفون كيف يفكر بعض الدائنين، أذكر أني سألت أحد رؤساء إحدى الشركات قبل عقدين من الزمان لماذا عند إقراضكم تأخذون شيكات بعدد الأقساط، وقلت لهم الشيك أداة سداد وليس ضماناً وانتو عارفين هذا الإنسان ما عنده الرصيد لسدادها لو حل الدين بالكامل عليه نتيجة تأخره بقسط أو اثنين، وتفاجأت بالرد وقال صاحبنا «إذا ما دفع أدخله السجن خمسين سنة» ورديت عليه «وشنو بتستفيد؟ ما راح ترجع فلوسك وتضيع إنسان وأسرة» رد عليّ «علشان يكون عبرة للآخرين»، رديت عليه وسألته: تعرف قصة تاجر البندقية؟ فأجاب بنعم قلت «تمام، أنت أسوأ منه بمراحل» فلا يمكن بأي شكل من الاشكال ان تكون حرية الانسان أداة ضمان، ويبدو أن كلامي تسبب في زعل صاحبنا ، فهذا مثل كيف بعض الدائنين ينظرون للمدينين وانا ما أتكلم عن قطاع البنوك الان، فهو رشيد وحذر، وتحت رقابة دقيقة من قبل البنك المركزي، ولاشك ان هناك من هو متضرر ولكن قواعد الاقراض والاقتراض يجب أن تتغير بعيداً عن الظلم والاستغلال.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثالث من أغسطس 2021 (الرابط الإلكتروني)

ضبط وإحضار.. وتاجر البندقية PDF

عدد الزائرين:

142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr