الخليج.. وتحديات الكويت

WhatsApp Image 2020 02 04 at 75237 AM

في المقالات السابقة حاولنا وبقدر المستطاع تسليط الضوء على وضع آليات ابتعاث الطلبة للخارج، وركزت على بعثات الطب وقدمت النصيحة قدر الإمكان، ولكن وكما يقال بعاميتنا «الشق عود وكل ماله يزيد». كنت بحديث مع أحد المسؤولين وصاحبنا يشكو الحال بالضغط الكبير على جامعة الكويت لاستيعاب الآلاف من الطلبة، وأعتقد أن الجامعة رضخت لتلك الضغوط وقبلت بما لا تستطيع استيعابه، وبأي شكل من الأشكال، وللأسف نتائج تلك القرارات سوف تسيء أكثر لمستوى الجامعة، ولا أحد يزعل إذا تصنيفها العالمي انخفض أكثر مما هو عليه، وطبعاً هذا مؤشر آخر وخطير يتعلق بمخرجات التعليم وقدرة سوق العمل على استيعابها، وبمثل ما أزحمنا الجامعة الآن لتجنب الضغط السياسي والشعبوي، سوف تزحم الوزارات أكثر وأكثر بعمالة زائدة عن الحاجة، ما سوف يزيد من بيروقراطية العمل، ثم الضغط أكثر على الميزانية. والمشكلة أن هذا الفائض هو بالتخصصات غير المطلوبة بسوق العمل، بينما نرى نقصا كبيرا بالقطاع الطبي، وكلية الطب التي هي مكانك راوح منذ أكثر من أربعة عقود، وما زالت تعاني من طاقتها الاستيعابية وتصنيفها الدولي، بينما نرى دولا أقل إمكانية من الكويت حولت جامعاتها إلى بؤر جذب للطلبة الأجانب، وأضحى التعليم، وكذلك الطب التعليمي والعلاجي بالتوازي، مصدرا أساسيا للدخل، ونحن إلى الآن لم نستطع النهوض بالتعليم الجامعي الحكومي ولا حتى الخاص. وقبل كم سنة قامت مجموعة تعليمية هنا في الكويت بالتعاقد مع جامعة Swansea في بريطانيا لتأسيس كلية للطب في الكويت، وانتهى المشروع بقضايا في المحاكم بينهم. بينما نرى تجربة رائعة في قطر، حيث استطاعت خلق مشاركة مع جامعة Weill Cornell Medicine، التي تعتبر من أرقى الجامعات في أميركا، وكذلك البحرين بمشاركتها مع The Royal College of Surgeons in Ireland الأيرلندية، وهذا كله غير الكليات الحكومية. وأما في الإمارات والسعودية فحدث ولا حرج فلديهما عشرات الكليات الطبية الحكومية والخاصة، وتقوم حكومتنا الرشيدة بابتعاث المئات من طلبتها للدراسة هناك، وصرف مئات الملايين عليهم، بينما تعجز عن استحداث جامعات تخدم مواطنيها وتجعل الكويت مركزا تعليميا وصحيا. وبهذا المقام بدخل على الخط بالسجال الذي دار بين أطراف عدة، هل بإمكان الكويت الجذب السياحي بمدينة الحرير وجزرها؟ وأقول إن لدينا من المقومات لعمل ذلك وبتميز، وبما لا يمس بثوابتنا الدينية وعاداتنا وتقاليدنا، ولكن المشكلة تكمن بعقول البعض منا الجامدة، والخلافات الحكومية - البرلمانية، ونظرة البعض منا بأن هذه البلاد ما هي إلا بقرة حلوب، بلاد، للأسف، تعج بالمزورين وتجار الإقامات ومخالفيها. ولو أنني شخصياً أرى نوراً بنهاية هذا النفق المظلم وما زلت متفائلاً بأن وطني سوف ينهض، وأشد على يد سمو رئيس الوزراء على الجهد الكبير الذي يبذله لتحريك المشاريع التنموية في الكويت، وأتمنى منه إعطاء صناعة العلم وبالأخص الطب، تعليماً وعلاجاً، وبالمشاركة مع أكبر الجامعات والمستشفيات وبأُطر علمية ومهنية. ولا يكون ذلك إلا من خلال تأسيس كيانات علمية لا تهدف إلى الربح وتعمل بشكل تجاري، بحيث تدور أرباحها داخل المؤسسة لدعم البحث العلمي ومشاريعها، وكذلك تدعم من قبل الحكومة ومؤسسات النفع العام وتبرع المواطنين وأوقافهم، وتكون جزءا من نظام الإعفاء الضريبي للشركات المتبرعة عند تطبيق النظام الضريبي في الكويت، وبهذا تكون بعيدة عن البيروقراطية الحكومية وجشع التجار.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الواحد والثلاثون من أغسطس 2021 (الرابط الإلكتروني)

الخليج.. وتحديات الكويت PDF

عدد الزائرين:

284 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr