اشتراكية مرشح
عاديٌّ أن تلاقي مرشح يُطلق تصريحاتٍ نارية من هنا وهناك، ويُهاجم الحكومة ومؤسساتها، ومرات يكون فيها صائب ومرات كلام فقط لاستجداء أصوات الناخبين، ومشكلة الديرة أن العديد من الناخبين فيها من الموظفين والمتقاعدين وربّات البيوت، يعني ناس عايشة على الراتب وعليهم ديون والتزامات كثيرة، وهذا وترٌ حساس يُجيدُ الكثير من النواب العزفَ عليه، ولكن العتب على النائب السابق ذي الدرجات العلمية العليا لما نلاقيه شغال على رواتب ومكافآت قياديي المؤسسات المالية الحسّاسة، والتي تُدير أموال الدولة والمتقاعدين، ويقوم بتأليب الناس عليهم ويا ليتهُ صدق بما يقول من أرقام، فضاعف هذه الأرقام، وتناسى بأن هناك هيكلاً للرواتب والمكافآت محددة، وهي بواقع الأمر لا تزيد على ما يتقاضاه القياديون في البنوك والمؤسسات المالية، إنما هي بعيدة كل البُعد عن المستوى العالمي المُتعلق بالأجور والمكافآت لمثل هؤلاء القياديين، وكَمَّلها أحد المخضرمين من المرشحين والذي بَدَّع بانتقاداته للأجور، وصاحبنا هذا وَجَّهَ سهامهُ إلى الوزراء وما يتقاضونه، ووفق ما ذكر وعلى وفق ما فهمت، فهو يُطالب بألا يُمنح أيُّ وزيرٍ أيَّ مكافآتٍ غير راتبهِ، وأعتقد أنه ذكر الراتب بـ٢٥٠٠ دينار، المهم صاحبنا الاشتراكي المليونير صاحب العقارات الكثيرة ــ الله يزيده من نعيمه ــ يبي الدولة أن تُدار من قبل وزراءٍ إما ما عندهم شغل ويدورون على أي راتب، ولا وزراء عَطنا المقسوم وبَعدين انَطلع الفرق من هني وهناك، الجماعة هذول وصل فيهم التكسب الانتخابي إلى مستوى تدمع لهُ العين، وأقول لإخواني الناخبين وأستشهدُ بذلك بالمثل الإنكليزي الذي يقول: (if you pay peanuts, you get monkeys) ومعناه إذا تدفع رواتب سبال «فول سوداني» فما تلاقي غير الشواذي توظفهم) طبعاً مع الفارق بالتشبيه، فهل نقبل أن تُدار الدولة ومؤسساتها بضعاف الموظفين؟ وأن نجعل الأقدمية وواسطة النواب هي المعيار؟ ومادري أُهم مو شايفين أن تلك الآلية هي السبب الأساسي بتدهور الأداء الحكومي! وللعلم فإن الوزير والموظف النَزيه تجارته هي وقته الذي يُباع للدولة مقابل الراتب، يعني بالله عليكم ليش يقبل إن يكون وزير أو موظف حكومي براتب لا يَصل إلى ربع ما يتقاضه لو عمل في المؤسسات الخاصة والقطاع الخاص إذا كان ذا كفاءة عالية؟ فتلك المؤسسات مُستعدة أن تدفع للخبرات بما يَعود عليها ومُساهميها بالنفع، وأنصح إخواني الناخبين بعدم التأثُر بمثل هؤلاء المستميتين للوصول لكرسي البرلمان وبأيّ طريقة مو مهم، وحطوا ببالكم بأنهم يعزفون على أوتارٍ سوداء يَهدفون من خلالها إلى تحريك مشاعرِ الحسدِ والغيرةِ والكراهيةِ والفرقة بين المجتمع، وهذا أمرٌ ما هو بطيّب، وبعض هؤلاء المرشحين أداؤهم يذكرني بمسرحية «علي جناح التبريزي وتابعه قفه» مسرحية جميلة عرضت عام ١٩٧٥ بطولة غانم الصالح ومحمد المنصور وأنصح الناخبين يشوفونها تراها زينة وتونس وبالوقت نفسه تعكس الواقع، وآملُ من الحكومة بعدم الالتفات لمثل هذا الطرح لا وبل بخلق كادرٍ مجزٍ ومعلن واضح التفاصيل يُدفع للوزارء وقياديي الدولة، هذا إذا أردتم أن يكون وزراؤكُم وقيادييكُم بكفاءة القطاع الخاص.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء العشرون من سبتمبر 2022 (الرابط الإلكتروني)
اشتراكية مرشح PDF