إقصائي حتى النّخاع

كما توقعت، بداية متعثرة من مجلس المعارضين والوطنيين والإصلاحيين، وكل شيء من قائمة لسان العرب وما ذُكر به من لغوياتٍ تنطبق على ما يرضيهم، وقبل لا أدخل بموضوعنا خلوني أقول لكم هذي السالفة، قبل الانتخابات بأيام قليلة تقابلتُ مع سيدةٍ فاضلةٍ مصرفيّةٍ قديمة وتُمثل بنكاً عالمياً، وصاحبتنا من كثر ما تزور الكويت وتتعامل مع الكويتيين صارت تعرفنا زين وصار عندها استقراءات قريبة من الدّقة في ما يتعلق باقتصادنا وسياستنا أيضاً، وطبعاً كَون هذا اللقاء كان قبل أيام من الانتخابات فمن الطبيعي أن يطغى الوضع السّياسيّ على الحديث، وزميلتنا بكلمتين لخصت الوضع وقالت: «الكويت قد تكون الدولة الوحيدة الّتي تُدار أمورها من الديوانيات والشاليهات أكثر منها في مراكز العمل»، والصّراحة ما ركزت تلك الكلمات بذاكرتي إلى حين قرأنا بالصحف دعوة أحد النواب لزملائه بديوانه للتشاور على توزيع اللّجان والمناصب، وطبعاً عزم ربعه واللّي يبيهم وأقصى العنصر النسائي من دعوة الحضور وبعض النواب اللّي يختلف معاهم مذهبياً أو سياسيّاً، وفوق هذا يصرح ويقول: «احنا لسنا بإقصائيين»، يعني بالله عليكم كيف هو الإقصاء؟ وكيف يكون إن لم يكن ذلك بإقصاء؟ وصاحبنا الداعي ودي أوجه له سؤالاً: يا ترى لولا أصوات النساء هل كنا سنراك في المجلس؟، عزيزي النائب عدم دعوة الأختين جنان وعالية ما هو إلا رسالة إلى نساء الكويت ليرين كيف ينظر هؤلاء لهنّ ولحقوقهن المدنيّة والسّياسيّة، وبالسياق ذاته شغلة ثانية ماني فاهمها، ليش اجتماعاتكم وتشاوراتكم ما تتم تحت قبة البرلمان؟ وبعدين ما الفرق بين ما تقومون به وما أسميتموه بـ«التشاوريات» وما هو مجرم من الانتخابات الفرعية التي قامت بها إحدى القبائل تحت مسمّى تشاوريات واللّي تم القبض على بعضهم وزجهم بالسجن؟، ترى المبدأ واحد، إذ إن توزيع المناصب خارج قبة عبدالله السالم لا يختلف كثيراً عن الانتخابات الفرعية والتي تحدث في الدواوين وخارج صناديق الاقتراع، فهذا وذاك مؤداه واحد، ألا وهو استعمال النّفوذ والقوة العشائرية والحزبية والعائلية للوصول إلى المجلس أو مناصبه ولجانه خارج ما يُفترض أن يكون ويقصي من لا يدين بالولاء لهم، وهذا أيضاً ما ينطبق على الحركات الإسلامية عند ترشيحها لممثليها وما بها من إقصاءٍ لمن لا تراهُ قياداتها مستحقاً للترشيح، فتوجه جموع منتسبيها لانتخاب هذا أو ذاك، والأحزاب وكما هو معلوم ليست مرخصة في الكويت ولكن ما لا يُمكن نكرانه أن الأحزاب قائمة في الكويت بشكل آو بآخر وتحت مسمّيات جمعيات او تكتلات أو غيرها، ولأن المضمون الحزبيّ مسيطر ويمارس سلطتهُ وهذا بحقيقة الأمر مُخالف لروح القانون، وكما أسلفت إما الإجازة أو المنع عن الجميع، ولكن تفصيل تشريع قانون يوجه فقط لفئة معينة من المجتمع فهذا أمرٌ غير عادل، وسؤال آخر أريد التوجه به لبعض النواب الناجحين وممثلي بعض تلك الجمعيات الخيرية ذات الطابع السّياسيّ، هل حملتكم الانتخابية من حرّ مالكم أم تحصّلتم على دعم من الغير ولو جزئياً؟ وبالنسبة لبعض الجمعيات التي تدعم بعض المرشحين هل ذلك الدعم من وفر اموال التبرعات الخيرية وهل يجوز ذلك شرعا وقانونا؟ أعتقد أنه قد آن الأوان لإعادة النظر بقانون الانتخابات، فعلى الكلّ وعلى كلِّ مرشح أن يُفصح عن مصدر الأموال المتبرع له بها للمساهمة بحملته الانتخابية، وهذا من باب الشّفافية والعدالة، وأن توضع آلية قانونية تُنظم التبرعات وقيمتها وشفافيتها، وعلى وزارة الشؤون وضع حد فاصل لما هو عمل خيري أو عمل سياسي، وقبل لا أختم أقول لزميلتنا المصرفيّة: كلامك عدل قد نكون الدولة الوحيدة اللّي العديد من قراراتها تُتخذ في الدواوين والشاليهات وذلك مع الأسف.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثامن عشر من أكتوبر 2022 (الرابط الإلكتروني)
إقصائي حتى النّخاع PDF




