ثقافة وطن
ذكرى التحرير وما تحمله لنا من مشاعر كانت أليمة بأحداثها وسعيدة بزوال غم وهم الاحتلال، تلك المشاعر المختلطة ما يعرفها إلا من عايشها، فقدان وطن بين ليلة وضحاها وعودته خلال أشهر ما هي إلا نعمة من الله وجبت الشكر والحمد، ولكن هل حقاً بعضنا من الحامدين فعلاً وليس قولاً؟ هل ما يحدث من فوضى واتلاف للممتلكات سواء للمواطنين أو الدولة، عدا الحوادث وإهدار كميات كبيرة من المياه، وقبل كل ذلك إضاعة روح الوطنية وغرس ثقافة الفوضى بين الأطفال، كل هذا هل يدخل من باب الحمد والشكر لله؟! إحدى التغريدات وضعت النقاط على الحروف وكما جاءت أنقلها لكم «أنا مواطن كويتي، أطالب لجنة الظواهر السلبية بإقرار قانون يجرّم رمي البالونات المائية في الأعياد الوطنية، حيث إنها ظاهرة سلبية قبيحة لها الكثير من الآثار السلبية على البيئة وعلى الممتلكات العامة للدولة، وخسائر وأضرار وأطالب الدولة بالتحرك سريعاً لإقرار قانون يجرّم هذه الأفعال وينظم مظاهر الاحتفال»، أعتقد ان كاتب تلك التغريدة لخص كل شيء بسطرين كما يقال، فبعض جماعة المجلس أشوفهم ساكتين ومن تكلم فتكلم باستحياء وكأن أرقام الحوادث والدهس وإصابات العيون التي وصلت إلى ١٥٠ إصابة خلال يومين فقط، تلك الأرقام المهولة ما حركت شهية التشريع لديهم، والظاهر ضرر السحر والسحرة على المجتمع بوجهة نظرهم أخطر بكثير من تلك الفوضى، فوجب التشريع، أما حكومتنا الرشيدة فمن جهة تركت الحبل على الغارب وقالت «روحوا استانسوا»، بمعنى آخر أعطت المجتمع يومين بالسنة يخرج فيهما عن القانون، وهنا أتساءل هل من حقكم اعطاء هذا الحق؟ خلوني أوضح أكثر: أنا مواطن ومن واجب الدولة المحافظة على سلامتي وسلامة أبنائي وممتلكاتي بموجب القانون، ومحد له حق يتعدى عليّ بأي وقت وبأي شكل وهذا حقي، حيث الفوضى والأذية امتدت من شارع الخليج إلى مناطقنا الداخلية، أقصد أنه ليس من الحكمة السماح بخرق القانون بحجة ترفيه أو غيره، ولن أضع كل اللوم على أولياء الأمور ولا الأطفال، فالمثل الكويتي يقول «قالوا من سمح لك؟.. قال من منعني؟» فالحل والضبط والربط عند الحكومة، وبشكل عام الكويتيون شعب ودود وما يخرج عن طاعة ولاة الأمر إن أمروا، وكل المطلوب من حكومتنا الرشيدة تطوير ثقافة الترفيه ليس فقط خلال الأعياد الوطنية بل خلال كافة المناسبات خلال العام، والاحتفالات يجب أن تتخللها أنشطة رياضية ومباريات عالمية تسعد وتجذب الجمهور، ووجب اشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للمشاركة بفعاليات هادفة ومسلية تزحم شارع الخليج فيضحي لا مكان للشغب والفوضى فيه، وكذلك المسرح وجب تحفيزه ليقدم ما هو هادف وراق خلال الاحتفالات، والدور الأكبر على مركز جابر الأحمد الثقافي، ذلك المركز الذي أعتقد أنه بدأ يفقد بريقه، وماني عارف قصته ولكن لاحظت أن معظم المطاعم المحيطة بالنافورة أغلقت أبوابها منذ تحول المركز إلى وزارة الإعلام وتسريح العاملين به، فالوضع صار مو تمام، المهم ومن باب العدالة والإنصاف وجب الشكر للجهد الذي قامت بعض أجهزة الدولة، وأخص فعاليات القوات المسلحة، حفيدي عثمان رجع حده مستانس، دخل الدبابات وحمل سلاحا وفوقها عطوه شهادة شكر باسمه، الصراحة كان عرضا تفاعليا وطنيا جميلا وهادفا، وكذلك عروض الطيران الاستعراضية وأكيد الألعاب النارية التي أسعدت الكويت وزوارها، وما ننسى نشكر البلدية وعمال النظافة الذين رفعوا أطنانا من مخلفات الفوضى، وكذلك الشكر موصول إلى رجال الداخلية وكل من ساهم من اجهزة الدولة، وإن شاء الله العيد القادم يكون أجمل على الكويت وأهلها.
***
تعازينا إلى أسرة آل البغلي الكرام بوفاة النائب والوزير السابق علي أحمد البغلي، الصديق والزميل بصفحة الكتّاب في جريدة القبس، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يمن على أهله وذويه بالصبر والسلوان.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء السابع من مارس 2023 (الرابط الإلكتروني)
ثقافة وطنPDF