من وحي الثلاثاء.. إلى مجلس الأمة

essay image

جاءني اتصالٌ صوتيّ من صديقي العزيز مثنى الحمد، وكالعادة ينتقدُ ما أكتبهُ من مقالاتٍ إيجاباً أو سلباً، وبوطلال قارئٌ من الدرجة الأولى ولمَّاحٌ وما يطوفه شي، وكلُّ ذلك بخلفيةٍ ثقافيةٍ عاليةٍ، وإن لم أُبالغ فهي منقطعة النظير ومدعّمة بذاكرة وعلى قولة إخوانا المصريين «ما تخرش المَيَّه»، ودائماً أسعدُ بتعليقاته التي لا تخلو من الطرافة واللطافة، المهم صاحبنا الله يحفظه تململ من سلسلة المقالات السابقة واللي كان مضمونها أكثرهُ تاريخيّ ومرتبط بتراث الكويت، ارتكازاً على ما بيدي من وثائق من أرشيف الوالد ــ رحمة الله عليه ــ تلك المقالات قد لا تكون بها إثارة، ولكن هناك تاريخ وإيجابيات كثيرة في هذا الوطن وجبَ علينا كمواطنين العروج عليها وإظهارها على السطح، ولا ينقص ذلك إن كان مرتبطاً بتاريخ أسرةٍ أو رموزٍ وطنية لها بصمات بتاريخ الكويت، وذلك ليس من باب التفاخر بل من الباب التحفيز لكلَّ كويتيٍّ يمتلك وثائق أو موروثا، سواء أكان هذا الموروثُ علمياً أو أدبياً أو دينياً، يتعلق بأُسرهم وأجدادهم، بأن يقوموا بتدوينه ليُضيء الطريق لأبنائنا والجيل القادم، الذي لا يُمكن لي أن أقول قد بدأ بل هو بواقع الأمر في منتصف مستنقع التغريب وضياع الهوية والتراث، وأضف إلى ذلك ضياع اللغة العربية وركائزها عدا عن محاولة البعض طمس ذلك التراث، وللأسف في الكويت دخلنا بمنحنى السياسة والنقد والتذمر والإحباط، فأضحينا ومن دون أن نشعر نعيش في دائرة السوشيال ميديا والحسابات المجهولة الصاحب وبائنة الأهداف، فيا صديقي بوطلال تحملني شوي، فمقالاتي القادمة سوف تكون ذات قالبٍ اجتماعيٍّ وثقافيّ، فالوضع السياسي الراهن يتطلبُ الرويَّة والحكمة، والوضع جداً ضبابيّ وصعب القراءة، خصوصاً أن حكومتنا الرشيدة ما تتكلم وما ترد على أحد بتلك الأيام، وقد تكون متبعة سياسة «الحقران يقطع المصران» أو سياسة «من صمت نجا»، وتاركة الحبل على الغارب لتلك الحسابات الوهمية، ومن يدعي فيها التنظير بالسياسة، حسابات تنشر من الإشاعات ما هو خطر مضلل، وبعطي مثالا على ذلك ما تم تداولهُ عن مشروع قانون ضرورة لحصر الترشيح والتصويت في الانتخابات فقط للكويتيين بالتأسيس، وطبعاً الربع دخلوا بمتاهات «نعم ولا»، وبدأت المشاحنات، وأحياناً قلة الاحترام تسود بين بعض الأطراف، وطبعاً كل تلك المشاحنات كان لها أن تنتهي بتصريحٍ واحدٍ من الحكومة، بس نخلي الناس تتلاطم واحنا نتفرج، فهذا كلام يحتاج إلى وقفة وتأمل من قبل حكومتنا الرشيدة، خصوصاً بالمواضيع الحساسة مثل تلك، ولكن وكما يُقال فالأيام حبلى بالأحداث، وأختم مقالي هذا ببضعِ أبياتٍ من قصيدة الوالد ــ رحمة الله عليه ــ والتي قد تعكس وتحاكي واقعنا الحالي، وقد حملت تلك القصيدة اسم «من وحي الثلاثاء إلى مجلس الأمة»، ومنها يتضح عمق وقدم الخلاف السياسيّ بتاريخ الكويت وبتصرف تقول أبياتها:

«علامَ الخُلفُ يا قومي تنادى وصاح بحيِّكُمْ يَبغي خِلافَا

أهذا الخُلفُ عَوَّدَكُمْ خِلافاً أَمِ الوَهمُ الذي صار اقترافا

فَيا أهلَ النِّيابَةِ أسعِفُوها بآراءٍ نرى فيها ائتلافا

فما في الخُلفِ يا قومي صلاحٌ ولا بالحِقدِ رأيٌ قد تصافى

وما للأرضِ أمنٌ في خلافٍ ولا نبتٌ إذا صارت جَفافا

وما للأهلِ في دارٍ ثباتٌ إذا لم يبقَ شملُهُمُ التفافا

أفيقوا من سُباتِ الخُلفِ قومي وكونوا خير من يَحمي الضِّفافا

وكونوا للأميرِ أداةَ خيرٍ كما أوصى وفاقاً لا انحرافا

أراد وفاقكم في كُلِّ أمرٍ وحذَّرَكُم شروراً لن تُوافى...»

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء التاسع من مايو 2023 (الرابط الإلكتروني)

من وحي الثلاثاء.. إلى مجلس الأمةPDF  

عدد الزائرين:

259 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr