والله ملينا

ومرةً أُخرى نذهب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب من يُمثلنا في مجلس الأمة، وهذي المرة غير عن سابقاتها، فغالب المرشحين ما عندهم ما يقولونه من جديد ولا ما يواعدون الناس عليه، فالحكومة سبقتهم بإصدار القوانين والقرارات الإدارية الشعبوية، وآخرها السماح بالترخيص لعدد ٥٣ نشاطا بالعمل من دون شرط وجود مقرٍ أو مكتبٍ لها، يعني اقعد في بيتكم وافتح ملحق بيتكم مكتب دلالة، وصراحةً لما قرأت تلك الأنشطة صُعقتُ مما رأيت، يعني تراخيص ما دري شلون! أول مرة أشوف تراخيص تعلم اليهال ركب القواري ولا استشارات مع علم فلك وفضاء من سطح بيتكم، وطبعاً لحق هذا القرار خبر السماح بمنح العلاوات الاجتماعية ودعم العمالة لحاملي تلك الأنشطة، وأصبح الأمر واضحاً، وكأن الحكومة تقول للبعض اللي ما له خلق يشتغل ولا له خلق يداوم، لا تتقدم للعمل بالحكومة، اقعد في بيتكم والمقسوم يوصلك، وبهذا يضربون وكما يُقال عصفورين بحجر، فيخففون بذلك الضغط الوظيفي على الدولة وفوقها مكسبٌ شعبيّ وأيضا فتح الباب وتشجيع لمن هو جاد بعمله، ولو اجتمع كلُّ نواب الأمة على كلمة فما راح يقدرون يزاحمون الحكومة شعبوياً، وطبعاً شنو بيصير بمناطقنا السكنية وتحولها إلى مكاتب بعد أن أضحت عمارات؟ مو مشكلة وباجر يصير خير، المشكلة مو بالقرار ولكن بآلية التطبيق والفوضى والتلاعب التي سوف تصاحبها، مثل سالفة «الفود ترك» كما يُطلق عليها، واللي ترست الديرة، ومعظمها مُؤجَّرة لعمالة آسيوية تكدُّ عليها، المهم برجع لانتخاباتنا الباردة والماصخة احيانا في بعض مواضعها، وأحاول أن أستقرئ نتائجها ومستقبل العلاقة بين السلطتين، ولكن وبتحليلي المتواضع فإني أعتقد أن القادم سوف يكون أصعب وأكثر تعقيداً، وآمل من القلب أن أكون مخطئاً بهذا الاعتقاد، فنفس الجماعة راجعين وينافسهم من هم أصلب وأحنك منهم سياسياً، وهؤلاء سوف يتموضعون بكراسي المعارضة ولن تكون علاقتهم مع الحكومة بالقدر الأدنى لتحريك عجلة التنمية، ولذا إن أردنا الخروج من هذا النفق المظلم، فعندنا بضعة أيام نستطيع أن نُغيِّر دفة التاريخ ونوصل إلى المجلس القويّ الأمين الوسطي المعتدل، وكذلك من يتقي الله بوطنه مبتعداً عن التعصب الأُسري والطائفي والقبلي ونظيف اليد والسريرة ومستعد أن يمد يد التعاون للحكومة، فمن دون هذا التعاون لن تستطيع أي حكومة أن تُنجز والكل عارف هذا الكلام، وعلشان ما يكون كلامنا مُرسلا وبعيدا عن الواقع وإن كان لا بُد، ليش ما ننتخب الأفضل من العائلة والأفضل من القبيلة والأفضل من المذهب؟ وللعلم فإن العديد من الإخوة والأخوات المرشحين على كفاءة عالية ويستحقون تمثيل الوطن ويحتاجون دعمنا، المهم كلامي هذا كان من ضمن حوار منفصل مع أكثر من صديق ومن مختلف أطياف مجتمعنا، ولا أحد يستغرب بأنني وجدت الجواب واحدا: «ماكو فايدة وترى والله ملينا»، وهذا بواقع الأمر شيءٌ خطير عندما نصل إلى تلك القناعة، فهذا وطن ونحن - الكويتيين - يجب ألا نَملّ ولا نَكلّ كما يُقال، فإن نُشر مقالي هذا قبيل الانتخابات فهو دعوةٌ أخيرةٌ للمواطنين لحسن اختيار من يمثل وطنهم، وإن نُشر بعد ذلك فنحن بذلك نهنئ من نجح ونتمنى التوفيق لمن لم يحالفه الحظ، ونقول لحكومتنا الرشيدة وسعوا صدركم وتقبلوا حلاوة ومرارة الديموقراطية كما هي، فتلك هي قواعد اللعبة وعلى الكل التزامها وخلكم على نهج الإصلاح مهما كلفكم ذلك، فهذا وطننا وأنتم حراسه وأمله!
***
باسمي واسم أسباطي الكويتاوية أتقدم بأحر التهاني والتبريكات لجمهور نادي الكويت لفوزه المستحق بدوري كرة القدم، وانتزاعه لقب الزعيم، فأضحى بذلك عميد وزعيم الكرة الكويتية، وشكراً جزيلاً للقائمين على إدارة هذا الصرح الكبير، والشكر موصول إلى كافة لاعبي ومدربي وإداريي الفريق، فقد أدخلتم الفرحة والسعادة إلى قلوبنا.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الأحد الرابع من يونيو 2023 (الرابط الإلكتروني)
والله مليناPDF




