بيان (49)

essay image

وانتهى مسلسل وبدأ آخر والله يعينا على القادم، فمجلس الأمة أضحى عندنا مثل بعض المسلسلات الأجنبية المُملة واللي نهايتها تعرفها من بدايتها، والمهم نبارك اليوم لمن حاز ثقة الشعب ونقول حظا أوفر لمن لم يَفُز، وطبعاً وكما حدث بالمجلس السابق واللي سبقه يتهافت النواب للاجتماع بإحدى الديوانيات مع إقصاء الخصوم السياسيين ومعاهم المرأة، لانها بنظر بعضهم مكانها الطبيعي المطبخ، المهم هناك يتم تقاسم الكيكة بينهم ويظهرون لنا التكاتف والتوافق، وبعدها بأيام نرى الانشقاق والتموضع العائلي والمذهبي والقبلي يتقاطع بالاتفاق والاختلاف بحسب المصالح والاعتقادات، وبالأمس القريب طلعوا لنا بتعهد من ورقتين نُشِر على حساب بعض الأعضاء المذكورة أسماؤهم في البيان غير الموقع! المهم حاولت أن أتمعن في هذا البيان وأعتقد أن الشيء الوحيد الواضح فيه هو كشف الأسماء وعلى رأسه اسم السيد أحمد السعدون، وكأنهم يؤكدون أن رئيس المجلس بوعبدالعزيز مع عدم ذكر ذلك في البيان صراحة، حيث ذاك قد يُدخلهم بالخلاف العميق مع من هو نائب الرئيس، ويمكن هناك من يرغب بالترشح للرئاسة بس ما اعلن، وهذا الموضوع بشكل عام سوف يقلب السالفة عليهم، فاكتفوا بوضع اسم السيد السعدون منفرداً على رأس الكشف وبعدين يصير خير، زين هذا تمام وفهمناه، ولكن الصفحة الاولى كلامها إنشائي وهلامي تارةً وثوري تارةً أُخرى، ولكن وكما يقال كله كلام ما له «مقاضب»، فهم يقولون وعلى حسب ما فهمت أن هناك لجنة أطلقوا عليها اسم «اللجنة التنسيقية» اهي اللي راح ترتب الأولويات وتوزعها على دورات الانعقاد القادمة، وطبعاً هذا كلام ومثل ما نقول بعاميتنا «مأخوذ خيره»، فهذا البيان شكله ناقص، ورقة ثالثة تُحدَّد فيها المشاريع اللي اختصروها بكلمتين ألا وهي: «استكمالاً للجهود المبذولة من الأغلبية النيابية في مجلس ٢٠٢٢ وما تلاها من مبادرات أثناء فترة الانتخابات ٢٠٢٣»، ولكن نواب الأمة ارتأوا القفز عنها بتلك المرحلة، لأنهم عارفين أنه لا يمكن الإجماع عليها سواء كأولويات أو كموضوع، زين الجماعة شنو اللي اتفقوا عليه؟ انا اقول لكم فقد اتفقوا على أربعة مواضيع ذكروها كأولوية وطلبوا إقرارها قبل العطلة الصيفية، المهم قسموها كالتالي: ١- المفوضية العليا للانتخاب ٢- تعديل قانون المحكمة الدستورية ٣- قانون الإسكان ٤- التأمين الصحي لربات البيوت. زين خلونا نحلّل الأمر ونشوف شنو مدى أهمية تلك المواضيع مقارنة ببقية المواضيع التي تَهُم المواطن، وما أدري ما هي أولوية المفوضية العليا؟ وليش ما تنطر؟ فجدامكم أربع سنوات الى ان تحتاجونها طبعاً إذا افترضنا بتكملون أربع سنوات، زين ما هو أهم كأولوية للمواطن المثقل بالالتزامات، هل هي تلك المفوضية ولا إسقاط القروض؟ وما هو أهم بالنسبة للمواطن رفع رواتب المتقاعدين أم قانون الاسكان ذو المثالب والي محتاج سنوات لتطبيقه، ولّا معاناة المتقاعدين أضحت أمرا ثانويا بنظركم؟ زين شنو أهمية إقرار التأمين الصحي لربات البيوت كأولوية؟ وانتو عارفين زين أن برنامج عافية برمته ينصب أولاً بمصلحة تجار المستشفيات الخاصة والأدوية، ألمْ يَكُن من باب أولى المطالبة برفع مستوى المستشفيات العامة وتخصيص بعضها لعلاج الكويتيين فقط ولا هذي صعبة عليكم؟ وعلشان ما نخرج عن الموضوع، هم أود أن أذكّر بعض النواب بوعودهم لناخبيهم بادراج مشروع إلغاء قانون المسيء باول جلسة، ولا خلاص ما صار بذي الاهمية بعد نجاحكم؟ شخصياً أعتقد أن المواضيع الثلاثة السابقة ما هي إلّا ذرٌ للرماد بالعيون كما يُقال، فجميعها مشاريع قوانين وعلى الرغم من أهميتها، ولكن ممكن ان تؤجل ويحل محلها ما هو أهم للمواطن، فيتبقى من هذا البيان الثوري «المحكمة الدستورية»، والتي ظهرت على السطح بعد حُكمها ببطلان المجلس السابق، والظاهر أن البعض يبون يغيرون القانون بأسرع وقت مُمكن قبل ان تنظر المحكمة بالطعون المُقدمة فيُبطل المجلس وهذي هي وكما يقال بعاميتنا «الغمنده»، فالربع ما لهم خلق انتخابات جديدة ومصاريف وتوزيع ابتسامات هنا وهناك، ولا حد فينا يعرف ولا أعتقد أن الكثير من النواب يعرفون ما هو شكل التعديل التشريعي الذي سوف يُقدم ومدى خطورته ومن سوف يقوم بتقديمه، وهني عرفنا وكما يقال «شنو الي لمّ الشامي عالمغربي»، شخصياً أتمنى ومن قلبي أن أكون غلطان، وأن أرى هذا المجلس وتلك الحكومة بشهر عسل دائم وإنجاز لما هو في مصلحة الوطن.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء العشرين من يونيو 2023 (الرابط الإلكتروني)

بيان (49)PDF