الأستاذ حمد عيسى الرجيب

essay image

حقبةٌ تاريخيةٌ مُشرقةٌ من التاريخ الأدبيّ والثقافيّ للكويتِ، وجِبَ علينا الإضاءة عليها وتعريف أبنائنا من الجيل الناشئ بالرعيل الأول من أبناء وطننا، ممن لم يُنصفهم الزمن بذاك القدر، وأوردُ في هذا المقال، «وبتصرف ومن مصادر عدة»، سيرة حياة الفنان والسفير حمد عيسى الرجيب، وأبدأُ مقالي هذا بعبارةٍ استوقفتني لطالما رددها الأستاذ حمد الرجيب في المقابلات الصحافية، التي كانت تُجرى معهُ، إذ كان يقول: «الإنسان شيء والعمل وتقمص العمل شيء آخر، الهدف منا والغاية هو حفظ تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا»، هذه العبارة التي كان يوقنُ بها الأستاذ حمد الرجيب حق يقين، عندما كان طالباً في معهد الفنون الموسيقية في مصر، إذ عُرف بدماثة أخلاقهِ وطبعهِ الخجولِ المناقضِ تماماً للدور التمثيلي المُعطى لهُ حينها، وكان في ذلك الوقت دور «يوليوس قيصر»، الإمبراطور والقائد العسكري الخائض للعديد من الحروب والمعارك، والمعروف بالقساوة، مما أثار استغراب الآخرين في الفصل الدراسي آنذاك، ليُعرب حينها عن أن الإنسان بطبعهِ وصفاتهِ قد يختلف عن تقمص العمل الذي يؤديه، فالإنسان يتخطى كل العواقب والثغرات ليصل إلى هدفه ويحققه، ويؤدي الدور الذي يرغب به، هذا هو حمد الرجيب صاحب الشخصية الطموحة الهادفة، والملقب بالرائد الشامل لثُلة من الفنون والآداب، انطلاقاً من التأليف الموسيقي والتلحين، إلى التمثيل المسرحي والتدريس للعديد من المواد التعليمية، ولد الأستاذ الرجيب عام 1922 في منطقة القبلة (الجبلة) في الكويت، وتلقى دروسه الأولى في المدرسة المباركية، وفي عام 1945 حصل على بعثة خارجية لإكمال دراسته في مصر هناك، حيث درس التربية وعلم النفس والفنون المسرحية في جامعة القاهرة، وبدأ حمد الرجيب حياته العملية في مهنة التدريس، وكان ذلك خلال التحاقه بمدرسة المباركية، نظراً لنقصٍ في الكادر التدريسي، وفي عام 1950 تمّ تعيينه مُدرساً في مدرسة الأحمدية، وبعد فترةٍ وجيزة أصبح مديراً لمدرسة الصباح، وفي عام 1951 أسّس نادي المعلمين، كما ساهم أيضاً في تأسيس دائرة الشؤون وأصبح أول مديرٍ لها، وبعد أن أدى دوره في مهنة التدريس بدأ مسيرته في تطوير المسرح الوطني في الكويت، حيث استدعى أستاذه زكي طليمات للبحث في وضع المسارح، وعلى إثره قام الثنائي بإنشاء 4 مسارح حينها، وتابع إنجازاته في سبيل تطوير الفن المسرحي في الكويت، فقام بإنشاء مركزِ خاصٍ للدراسات المسرحية، الذي بدوره تطور في ما بعد ليصبح معهداً للفنون المسرحية، كما أسس مركز الفنون المسرحية أحد أهم المراكز المختصة باكتشاف المواهب، ونظراً لحرصهِ على حفظ التراث الكويتي أسس مركزاً خاصاً لحفظ التراث لجمع أغاني البحارة وقصائد الشعر النبطي، انتقل بعدها إلى السلك السياسي، بعد أن تم اختياره ليكون سفيراً للكويت في عام 1966، حيث تولى منصب سفير الكويت في مصر لمدة 10 سنوات على التوالي، إلى جانب كونه مندوباً دائماً للكويت في جامعة الدول العربية، ثمّ أصبح بعد ذلك سفيراً للكويت في المغرب لمدة 4 سنوات متتالية، وفي عام 1980 اختارته الحكومة الكويتية ليُصبح وزيراً للإسكان، لتختاره بعد ذلك ليشغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية، إلى جانب كونه وزيراً للإسكان، في رصيد الفنان حمد الرجيب عددٌ لا يُستهانُ به من المسرحيات التي ألفها، ومنها مثلاً: مسرحية «من الجاني؟»، ومسرحية «خروف نيام نيام»، كما قام بإخراج العديد من المسرحيات، ومنها: مسرحية «صلاح الدين الأيوبي»، و«الميت الحي»، و«قيس وليلى»، و«تاجر البندقية»، وله العديد من المقطوعات الموسيقية المستمدة من التراث؛ انتهت إبداعاتُ الفنان حمد عيسى الرجيب عام 1998، بعد أن وافتهُ المنية في لندن عن عمرِ يناهز 76 عاماً، وما هذا المقال المقتضب إلا تكريم لريادته، وإشعال لفتيل المعرفة بشخصهِ المبدع في أذهان الأجيال الشابة.

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء السابع والعشرون من يونيو 2023 (الرابط الإلكتروني)

الأستاذ حمد عيسى الرجيبPDF