المدن الإسكانية

مجلس الأمة يوافق على قانون تأسيس شركات إنشاء المدن الإسكانية، هذا كان الخبر. وشخصيا اتمنى ان ينجح هذا القانون وتنجح الحكومة بتطبيقه، ولكني بمعرفتي بسوق العقار واجهزة الدولة ذات العلاقة، فاني اتحدى وآمل ان اخسر التحدي ان يرى هذا المشروع النور، فقط الدكتورة جنان بوشهري ابدت ملاحظات مهمة تستحق التدوين، مفادها «حتى ينجح القانون وأهدافه، فعلى الحكومة متابعة التنفيذ بجدية، وتسهيل كل الإجراءات المرتبطة به من قبل الجهات الحكومية الأخرى ذات الصلة، لكي لا تتكرر التجارب الفاشلة السابقة. وإن ظهرت ملاحظات أو معوقات خلال التطبيق، فوجب على الحكومة الإسراع بتقديم تعديلات تشريعية لتصحيحها حتى لا يكون القانون تشريعاً لا قيمة له». نعم دكتورة جنان، ملاحظتك بمكانها، ولكن انتِ تعرفين اكثر من غيرك ان أجهزة الدولة ذات العلاقة بالمشروع ليسوا بذاك المستوى القادر على تذليل المشاكل، هذا وسبق لي ان كتبت مقالا باسم «ثقوب المدن الاسكانية» في يناير الماضي وبتصرف اعيد بعض ما كتبت: وهذا القانون أعتقد هو عاطفيّ الصياغة وفضفاض المضمون، واخذوها مني هذا المشروع لن يرى النور، وكما يقال «ليله طويل»، فقد أغفل عن العديد من الأمور الفنية التي هي السبب الرئيسي في الفوضى العارمة في قطاع العقار، وحيث المقال لا يتسع ولكن حتى لا يتكرر الخطأ وتتحول المناطق الجديدة إلى عمارات ومخازن ومحال، ويظل المواطن المسكين تحت رحمة تلك الشركات المزمع إنشاؤها، خلوني أذكر بعض النقاط لإيصال الفكرة، فقد ذكر مشروع هذا القانون أن المؤسسة العامة للرعاية السكنية تلتزم إنشاء شركات مساهمة وتحدد لها اللائحة التنفيذية وأُسس اعتماد هذه الشركات المؤهلة لهذا الشأن وتضع قواعد تصنيفها، وخلونا نوقف عند هذه النقطة، فتأسيس الشركات هذا أسهل شيء، ولكن تلك الشركات على شنو بتشتغل؟ بمعنى آخر هل تلك الشركات سوف تتسلم الأراضي وتقدم للمؤسسة تصاميمها وجدواها الاقتصادية؟ أم المؤسسة هي التي ستقوم بذلك؟ زين المساهمين بالشركات تلك والمُنوطة بهم الإدارة، خصوصاً إذا كانت شركات عالمية، ترى أول سؤال عندهم جم بنربح؟ وعلى شنو بنشتغل! وإذا كان المشروع غير مجد واجرائيا معقد ما راح تلاقون حد يساهم معاكم، فالمستثمر نظرته رأسمالية، وانتوا نظرتكم اشتراكية، والدليل على ذلك أن تحديد سعر المبيع للوحدات يتم من قبل المؤسسة، ولكن الشركات هي التي سوف تقوم بتنفيذ البنية التحتية، يعني اذا طلعت تكاليف القسيمة اعلى من سعر المؤسسة، وأيضاً اذا طلعت تكلفة القسيمة اعلى من قدرة المواطن الشرائية، شلون الوضع بصير؟ زين سؤال أي قانون ونظام بناء راح يطبق علي تلك المدن؟ وهل ستطبق نسبة البناء %210 مع ثلاثة أدوار وسرداب وشقتين وتتحول بعدها إيجار مثل منطقتي سلوى والجابرية؟ ولا شلون؟ وأعطي هنا مثلاً ولكم التعقيب، فإن ضاحية الشيخ صباح الأحمد البحرية «الخيران»، فأساس المشروع أرض دولة أُعطيت لمستثمر نَفَّذ البنية التحتية ووفر الآلاف من القسائم، وأذكر زين بعد الانتهاء من المشروع ظهر سؤال وجيه مفادهُ أن تلك المنطقة بحرية ومنطقة شاليهات راقية، فما هي نسبة وشروط البناء الواجب تطبيقها لتتماشى مع طبيعة المشروع؟ فكان الرد من المجلس البلدي بمعاملة المنطقة كمنطقة سكن خاص، وكان ذلك خطأً كبيراً لخبط نظام المنطقة، وما يحتاج أقول لكم روحوا شوفوا بعيونكم شلون صارت والكم الهائل من مخالفات البناء، زين اخواني المشرعين ومعاكم حكومتنا الرشيدة، تعرفون كم هي الاحمال الكهربائية المتطلب توفيرها لتلك المدن؟ وهل نحتاج بناء محطات جديدة لتكرير المياه وتوليد الكهرباء؟ وكم المطلوب من الوقت والمال لتنفيذها؟ وهل سوف تنتظر تلك الشركات حكومتنا توفر التيار؟ وكيف سوف تغدو الجدوى الاقتصادية لتلك الشركات ان تأخر ايصال التيار واصلا عندنا مشكلة قائمة بقدرة وزارة الكهرباء على توفير الطاقة للمشاريع القائمة؟ زين الأراضي التي بتوفرونها للشركات لبناء تلك المدن، هل هي جاهزة عند الحكومة وخالصة من المجلس البلدي وما عليها معوقات، ولا على الشركات بعد تأسيسها تنتظر سنوات وسنوات حتى تجهز تلك الأراضي وتسلم لهم، وفيه سؤال محيرني تلك الشركات بعد ما تنفذ المدن المنوطة بها وتبيعها، شنو بتسوي بعدها؟ هل سوف تصفى ولا تتحول إلى شركات عقارية عملاقة تساهم بخلق خلل بالعرض والطلب، وبعدها تصيرون تصارخون وتتهمونها بالاحتكار وارتفاع الأسعار، خصوصا ان ملكيتها بنهاية المطاف سوف تؤول إلى التجار بعد ادراجها في البورصة؟
إخواني المشرعين ومعاكم حكومتنا الرشيدة، اقول الله يوفقكم ويوفق معاكم التجار والمقاولين والله يصبر قلبك عزيزي المواطن.
وتسلمون.
المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثامن عشر من يوليو 2023 (الرابط الإلكتروني)
المدن الإسكانيةPDF




