قندهار والقطط

essay image

«طالبان» أو «قندهار» أو أي تسميةٍ أُخرى تعكس أي تطرف، لاحظت مؤخراً استعمالها وبشكلٍ كبيرٍ عند التعليق أو الرد على بعض الآراء أو على بعض مشاريع القوانين، فمنهم من يُطلقها على بعض الإخوة النواب كاختصارٍ لتعبيره واعتراضه على تلك الأفكار، التي يرى بها الكثير من التشدد، وأنا شخصياً أعتقد أن استعمال مثل تلك المصطلحات أمرٌ دخيلٌ على مجتمعنا، ولا يجب استعمالها تجاه أي فردٍ أبدى وجهة نظرٍ قد تكون من منظارهِ صحيحة. أما من منظار الآخرين، فما هي إلّا تشدد وغلو. نعم، نعترض ونناقش وبشدةٍ أيضاً، ولكن من دون إطلاق تسمياتٍ واتهامات، وطبعاً ذلك ينطبق على بعض الإخوة النواب، الذين لا يتحرجون في توجيه الاتهامات وإطلاق كلمات التجريح تجاه من يعارضهم، وكأنهم نسوا أو تناسوا أنهم يمثلون الشعب، ووصلوا إلى مقاعدهم بانتخابات ديموقراطية، وأخص بالذكر صاحبنا العزيز والذي نقل عنه: «نسعى إلى المزيد من الاقتراب من شريعة الله، ولا نخجل من ذلك، وإن انتقدنا جاهل»، أولاً ليس هناك خجلٌ عند الاقتراب من شريعة الله، والصراحة ما أدري شلون ركبت هذه الجملة الخارجة عن الصياغة، ثانياً ما يجوز لك نعتُ ناقديك بالجهلة، مع ان صاحبنا هذا شخصية محترمة ولطيفة، واستغربت كثيراً ذلك الأسلوب مع ناقديه، وكملها رئيس المجلس بوعبدالعزيز بخطبته العصماء، والذي ذكر ووصف البعض بالقطط على الورق، تمنيت أن يذكر وبوضوح من هم هؤلاء القطط الفاسدين، سواء من التجار أو الموظفين، وكذلك ان كان منهم أعضاء من مجلس الأمة، هذا الكلام الإنشائي بوعبدالعزيز ما يفيد، ودنا نعرف الحقيقة اذا انت تعرفها، ومن حقنا ان نعرف، فهذا وطننا. المهم، كُلّي أمل أن نرتقي بالخطاب من كل الأطراف، ولنجعل النقاش والحجة والشفافية وقبول الرأي الآخر أساس التعاون والتعايش، وبرجع إلى ما طرحه بعض النواب، وأبدأ باقتراح إعادة الرقابة على الكُتب بحجة عدم المساس بكرامة الناس والتشهير بهم، وأستغرب أن هؤلاء ما سألوا أنفسهم: كم هي نسبة الكتب التي أساء كاتبها إلى الناس خلال العقد السابق، والتي تستدعي وضع تلك الرقابة، وبعدين الكتب الآن صارت على النت، وأضحى قُراء الكتب الرقمية والسمعية يفوقون عدداً القراء التقليديين، فماذا أنتم فاعلون؟ وسؤال ثان: كم عدد الحسابات الوهمية على تويتر التي تعود إلى هذا أو ذاك، والتي تطعن بكرامات الناس وتغرس الفتن والدسائس وتُخالف الشريعة الإسلامية يومياً؟ أليست هي الأخطر والأكثر ضرراً من كتاب لا أحد يقرأه؟ فماذا أنتم فاعلون؟ وشخصياً أعتقد أن اقتراحكم يصلح لعام ١٩٦٠ وليس ليومنا هذا، وبرجع إلى اقتراح البعض، واللي يبون يجرمون عمليات التجميل، ويضعون شروطاً تصل إلى أخذ موافقة من وزارة الداخلية. وصراحةً، فإن هذا الاقتراح يحتاج إلى إعادة النظر ومراجعة جهات الاختصاص، خصوصاً وزارة الصحة وكذلك الجمعيات الطبية والمعنية بحقوق الإنسان، إخواني الأعضاء أوافقكم بأن هناك فوضى وسوقاً غير منضبط في ما يتعلق بإجراء عمليات التجميل، سواء في الحكومي او الخاص، والواجب وضع ضوابط صارمة تجاه وزارة الصحة، تتماشى مع ما هو مُتّبعٌ في الدول المتقدمة، وبعطي مثالاً أثناء إجراء عملية فك مستحقة لأحد الشباب في لندن، اشترطوا عليه وعلى والديه مراجعة طبيب نفسي مرتين وبفترات مختلفة، وتقديم تقرير من قبلهم يؤكد استعدادهُ النفسي لعمل العملية، وفي الوقت نفسه فإن الغرامات على الأطباء في حال الخطأ أو التسويق غير المبرر للعملية، فتكلفتها فلكية، والكل عارف أن الأخطاء الطبية عندنا صعب إثباتها، والغرامات لا تصل إلى حجم الضرر، هذا عدا الجهات غير الطبية وغير المرخصة، مثل بعض الصالونات التي تقوم ببعض عمليات التجميل، مثل البوتكس والوشم وغيرهما، وفي الواقع نحتاج الى الجدية في تطبيق القانون، وإلى إلزام وزارة الصحة القيام بدورها الرقابيّ، وتثقيف المجتمع بشأن خطورة إجراء مثل تلك العمليات. أما اقتراحكم هذا بصياغته الحالية، فسوف يُفسر بالتدخل في حريات الناس وفرض الهيمنة عليهم، وكذلك الإضرار بالقطاع الطبي، والنتيجة ولا شيء، فالدول المجاورة فاتحة الباب على مصراعيه، وسوف نجد هجرة لأطبائنا إلى الدول المجاورة، والناس يدلون الطريق، وقانونكم ما راح يمنعهم.

ونكمل في المقال القادم..

وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثامن من أغسطس 2023 (الرابط الإلكتروني)

قندهار والقططPDF