قانون المرور

essay image

طالعتنا بعض الصحف ببعض فقرات قانون المرور الجديد، وما حد يختلف أن الكويت تعاني من مخالفات المرور بأنواعها المختلفة، من الرعونة بالقيادة والسرعة وتخطي الإشارة الحمراء، وأهمها استعمال الهاتف أثناء القيادة، لأنه أصبح عند بعض الناس نوعٌ من أنواع الإدمان، وهو بلا أدنى شك من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الحوادث المميتة، فما حد يختلف بأننا أصبحنا بحاجة ماسة إلى قانون جديد، ولكن هل القانون الذي نُشر بعضه بالصحف كافٍ ووافٍ؟ وما فيه من المثالب ما سوف يُعقّد المشهد ولا يحل المشكلة؟ خلونا نحلّل الموضوع شوي، فمشكلة القيادة لها أكثر من بُعد، الأول هو الثقافة والتدريب على القيادة، وهناك جودة الشوارع والإشارات، وبعدها قانون العقوبات، ولنبدأ بالجزء الأول واللي أعتقد أنه الأهم، فالقيادة ثقافة وفن وأخلاق، ومن واجب وزارات الداخلية والإعلام والتربية وضع برامج توعوية وتدريبية لطلبة المدارس، وما يمنع إضافة منهج نظري وعملي للطلبة، وكذلك النظر بتجارب الدول المتقدمة بذلك الشأن، فمثلاً في كندا تُمنح رخص القيادة على درجات وعلى مراحل، إذ يُسمح التدريب في سن الـ١٤ عاماً ويُسمح للقيادة على ما أظن بعمر الـ١٦ عاماً بليسن مشروط بوجود أحد الوالدين بالسيارة خلال قيادة القاصر، ويُسمح فقط القيادة بالشوارع الداخلية، وبعد سن الـ١٨ عاماً يُمنح رخصة أُخرى لفترة زمنية لا تسمح له القيادة بالطرق السريعة والتي تتطلب اختبار قيادة منفصل، والقصد هنا أن الجماعة هناك يتدرجون بمنح الرخص والاختبارات، يعني الشغلة مو سهلة ويبي لها شغل لأن أرواح الناس على المحك، وطبعاً ما يحتاج أتكلم عن سهولة منح الرخص في الكويت وضعف أداء مدارس تعليم القيادة طبعاً، هذا بالنسبة لصغار السن اللي يقدمون على الرخص، ولكن البلاء الأعظم يأتي من الوافدين، خصوصاً من سواق المنازل والباصات وشركات التوصيل، والأسوأ منهم التكاسي، فهؤلاء يأتون بثقافة بلدانهم بالقيادة، فمثلاً في الهند القيادة من اليمين وليس اليسار فالسائق لما يدخل الكويت يجب أن يؤهل صح قبل لا يُعطى الرخصة، وعدا ذلك ففي العديد من الدول استعمال الإشارة الجانبية بالسيارة أمرٌ غير مألوف، ولا حتى يستعملون المرايا الجانبية وتستبدل أكثر باستعمال الهرنات، ولكن عندنا إذا تشكل الهرن على واحد ممكن تنتهي بهوشة بالشارع، وأذكر مرة مقولة لأحد الأصدقاء، يقول السائق الآسيوي إذا طق إشارة يمين يتوقع السيارة اللي جنبه بتختفي، لأنه ما هو مستعد ينظر في المرايا الجانبية قبل الانحراف بالسيارة، وأعتقد وزارة الداخلية عارفة هذا الشيء أكثر من أي واحد، فعلى الوزارة الحرص على عدم إصدار رخصة القيادة قبل التأكد من استيعاب المتقدم للقانون ومهارات القيادة، وهذا هو الشق الأهم من معالجة أزمة المرور عندنا، وهذه، وكما أسلفت، مسؤولية كل الجهات المعنية، وطبعاً جودة الطرق وتقسيماتها وإشارات المرور، وكذلك الخطوط الأرضية، والكل عارف أن شوارعنا، للأسف، بعضها غير مؤهل للقيادة الآمنة، وكفاية علينا المطبات اللي ما تبيّن نتاج زوال الأصباغ الرديئة عنها بعد أيام من صبغها، أما الحُفر فحدث ولا حرج وفكرة إلغاء حارات الأمان من جهة يسار الشارع ما كانت خوش فكرة، فكم من حادث مروع نتج عن ذلك، زين بقى عندنا المواطن والمقيم اللي راح يعاقبهم وبشدة قانون المرور الجديد، زين خلونا نتكلم عن أهم عقوبة وهي السجن، وشخصياً ويمكن يختلف معي كثيرون فأنا أعتقد أن سجن المواطن بقضايا مالية أو مرورية ولا أتكلم هنا عن القضايا المالية المرتبطة بالنصب والاحتيال وما شابهها من الجرائم المالية المنظمة، ولكن أتكلم عن واحد صدر شيك ولّا وحدة كافلة زوجها وابتلشت بتصرفاته، خصوصاً تلك الجرائم للمرة الأولى، وليست المتكررة، وكذلك مخالفي المرور فهؤلاء معظمهم ناس بسطاء وصالحون بمجمل حياتهم، فإيداعهم بالسجون وجعلهم يحتكون بشكل أو بآخر بالمجرمين من تجار المخدرات والقتلة والنصابين ومن شابههم قد لا يكون بحل إصلاحي ناجع لمثل تلك الحالات، فآمل ان يُستبدل ببند السجن السوار الإلكتروني، الذي من خلاله يتم السجن بالمنزل، وكذلك العمل المجتمعي، فبدلاً من السجن يُفرض عليهم العمل المجتمعي، مثل المستشفيات، وتجهيز ودفن الموتى، وغيرها من الأعمال اللي تخاطب النفس وتهذب الروح، ومنها فايدة بدلاً من خلط الصالح مع الطالح، وأما بخصوص المخالفات النقدية فتطبيق نظام النقاط، كما هو معمول به في بريطانيا، حل أكثر عملية وعدالة، فيتم التدرج بقيمة المخالفة إلى أن تنتهي بالحد الأقصى، ومن لم يرتدع فالسوار الإلكتروني بانتظاره... وتسلمون.

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر الأربعاء الخامس من يونيو 2024 (الرابط الإلكتروني).

قانون المرور -  PDF