الكهرباء والمواطن

دخل الصيف علينا مبكراً هذا العام، وعلى غير العادة حلّقت درجات الحرارة إلى ما فوق الـ٥٠ درجة، وقد سبقت وزارة الكهرباء والماء حرارة الجو، وبدأت بتطبيق القطع المبرمج على المواطنين، والناس صاحت وتذمرت كالعادة، شلون دولة مثل الكويت تواجه أزمة كهرباء؟ طبعاً إحنا المواطنين جزء من المشكلة، ويمكن المشكلة كلها، ودائماً أقول لمّا ننتقد الحكومة، بواقع الأمر إحنا ننتقد أنفسنا، لأن الحكومة ما هي إلا المواطنين، ولا ننسَ أن ما يقارب %90 من المواطنين موظفون في الحكومة، فهؤلاء الموظفون إن أخلصوا وأجادوا، فهم أخلصوا وأجادوا لأنفسهم أولاً، وفي إطار دور المواطن في أزمة الكهرباء، فهناك هدر في استخدام الكهرباء والماء، وما أحد يقدر ينكر ذلك، ولكن هل هو فعلاً السبب الأول؟ شخصياً ما أعتقد ذلك، فمن وجهة نظري المتواضعة، ان السبب الأول هو المجلس المُنحل وما سبقه، فضغطهم على الحكومة بإنجاز وتسليم مناطق سكنية بعشرات آلاف من الوحدات قبل تجهيز البنية التحتية، وأهمها الكهرباء والماء، والتي لم تتماشَ، ولم تتوافق مع خطة وزارة الكهرباء والماء، لتطوير منظومتها الفنية، من توسعة وإنشاء محطات توليد كهرباء جديدة قادرة على استيعاب آلاف من الوحدات السكنية، وقادرة على تلبية احتياجات القطاع الخاص ومشاريعه، واللي كان حاصل، أنه لا الحكومات السابقة، ولا المجالس السابقة، أحسنت صنعاً بذلك الملف، فالمجلس يضغط باتجاه المصالح الانتخابية، والحكومة واقعة، وكما يُقال، «بين حانة ومانة»، ولكن هذا لا يعفيها من المسؤولية أبداً، والأزمة كانت ستكون أعقد وأصعب، لو تم تطبيق قانون المطور العقاري، كما صاغه المجلس، وسبق أن كتبت أكثر من مقال وتساءلت: هل عند وزارة الكهرباء القدرة على توفير الطاقة والماء للمطور العقاري، بعد انتهائه من تطوير المناطق وجهوزية وحداته للبيع؟ ولا بتقولون له: انتظر شهراً أو سنة، لأنه ما عندنا كهرباء ولا ماء؟ والمطور ما هو بحكومة، بل تجار حاطين فلوس وبيطلعون فلوس، وأي تأخير راح يسبب لهم خسائر فادحة كافية بقتل فكرة التطوير العقاري، ونصيحة من القلب كل من يرغب في الدخول ببرنامج المطور العقاري: خذ التأكيدات والموافقات المُسبقة من وزارة الكهرباء على امكانية ايصال التيار الكهربائي، وشخصياً أعتقد ان موقف وزارة الكهرباء الحالي والمؤقت بالقطع المبرمج وشراء الكهرباء، من خلال الربط الخليجي، موفق لأنه ما في حل، ولكن على المدى القريب والمتوسط وجب على الوزارة القيام بتطوير قدراتها لمواكبة النهضة العمرانية والاقتصادية، وبالتوازي الدخول في مشاريع الطاقة البديلة ووضع دراسات وآليات وتشريعات يستطيع المواطن استغلالها، كاستعمال الطاقة الشمسية في توفير جزء من استهلاك المنزل، وخصوصاً بويلرات الماء والإضاءة، كل هذا يساعد، وكذلك زيادة تعرفة الكهرباء بشكل لا يؤثر في استهلاك المواطن العادي، فيمكن حساب متوسط الاستهلاك الرشيد للمنزل، وما فوق ذلك ترتفع التعرفة تصاعدياً، والحكومة أيضاً مطالبة بترشيد استهلاك مبانيها ومرافقها، ومثل ما تحط وزارة الكهرباء معدل للاستهلاك الرشيد للمواطن، كذلك وجب عمله لكل مرافق الدولة، وأي مرفق يتجاوز هذا المعدل يُحاسب المسؤولون عنه ويُطبق عليهم القطع المبرمج، وأعتقد ان وزارة الأوقاف اتخذت خطوة جيدة بتقليص أوقات الصلاة وأعطت تعليمات للسيطرة على أنظمة التكييف، ولكن كل هذا يعتمد على التزام الإمام والمؤذن والحارس، يعني إذا الحارس ما رفع من درجة حرارة المكيف بعد مغادرة المصلين كونه نسي ولا مو فاهم السالفة، فالاستهلاك مستمر بغض النظر عن أوقات دخول وخروج المصلين، والموضوع يحتاج علاجاً جذرياً وعلمياً، وإن شاء الله في المقال المقبل سوف أشارك قراءنا الأعزاء تجربة علمية ومدروسة، طبقناها بمسجد العثمان في حولي، بالتعاون مع وزارة الأوقاف وجامعة الكويت، وآمل أن يكون هذا الجامع بمنزلة «سفينة المقدمة»، كما يُقال، لترشيد الطاقة والماء في كل مساجد الكويت، وبمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك كل عام وأنتم بخير، ولحجاجنا حج مبرور وذنب مغفور وسعي مشكور.
وتسلمون.
جريدة القبس في عددها الصادر العاشر من يونيو 2025 (الرابط الإلكتروني).
الكهرباء والمواطن - PDF




