بادر ويانا

essay image

علِّمِ الأولادَ ترفع شأنهُمْ    واحذرِ الإهمالَ خوفاً من ضَرَرْ

ليسَ كالإهمالِ شرٌّ فانتبهْ    وارعَهُمْ دوماً بسمعٍ والبصَرْ

واغرسِ الكُلَّ بحالٍ جيِّدٍ    إنَّما الأولادُ غرسٌ كالشَّجر

في كل محطةٍ من محطات العطاء المجتمعي، أجدني أعود إلى إرث والدي الشعري - رحمة الله عليه - والذي سجل في بعض قصائده رؤيته العميقة لمسؤولية تربية أبناء والاهتمام بهم، محذراً من الإهمال، وداعياً للغرس المبكر القائم على الرعاية الواعية، وقد استحضرتني هذه الأبيات من قصيدته «التربية»، أثناء تلبيتي لدعوة الأخوة الأفاضل في الهيئة العامة لشؤون القُصَّر، لحضور حفل تكريم الطلبة القُصَّر المشاركين في مشروع «بادر ويانا» في موسمه الثالث، ولا أبلغ وأفصح من التجسيد الحقيقي لمعاني هذه الأبيات سوى مشروع «بادر ويانا»، فهذا المشروع الرائد، ليس مجرد برنامج صيفيٍّ عادي، بل هو مشروع نوعي وترجمة حيّة لرؤية الهيئة ورسالتها التربوية والاجتماعية في تنشئة القُصَّر تنشئةً صالحة، تُعدّهم لمستقبلٍ منتج ومسؤول، كما يعكس في الوقت ذاته نموذجاً لما يُمكن أن يقدمه العمل الحكومي، حين يتقاطع فيه البُعد الإنساني مع التخطيط المؤسسي السليم، وهي تجربة أتابعها عن قرب منذ أن كنت أحد القُصَّر المشمولين برعاية هذه الهيئة، وحتى اليوم، حيث أشارك في إدارة ثلث والدي، وألمس كيف تطورت الهيئة، وانتقلت من إدارة تقليدية إلى مؤسسة حديثة تُحتذى، ولله الحمد فقد أتت مشاركتنا في هذا المشروع لهذا الموسم من خلال توفير التدريب الميداني للطلبة المشاركين خلال فترة الصيفية في مجمع البروميناد، بهدف استثمار وقتهم وصقل مهاراتهم وتهيئتهم للانخراط في سوق العمل بعد انتهائهم من تحصيلهم العلمي، وامتداداً لهذا الغرس التربوي والمهني النافع، فقد تشرفنا بالمشاركة مع الهيئة أيضاً في برنامج «شباب ناجحون» من خلال دار العثمان، والذي استهدف الطلبة من الفئة العمرية بين 14 و21 عاماً، وقد صُمّم هذا البرنامج لتعزيز قدرات الطلبة المشمولين برعاية الهيئة، وتنمية أفكارهم في شتى المجالات العلمية والتعليمية، وتحفيزهم على الإبداع والنمو الشخصي والمهني، وقد تضمن هذا البرنامج أربع دورات تخصصية نوعية، بإشراف نخبة من المدربين المتخصصين، كدورة الذكاء الاصطناعي التي تفتح آفاق المستقبل التقني، ودورة الأمن السيبراني لحماية العالم الرقمي، ودورة التصوير بالهاتف لتنمية المواهب الفنية، بالإضافة إلى دورة الخياطة والتطريز للفتيات.

وهنا لا يسعني إلا أن أتوجّه بالشكر الجزيل للمهندسة دلال النوري المديرة العامة بالإنابة، وللقائمين على الهيئة العامة لشؤون القُصَّر، على جهودهم الدؤوبة، ولإتاحتهم الفرصة لنا للمشاركة في هذه المشاريع الهادفة، التي تُجسّد حقاً معنى الغرس الطيب، الذي يحتاج إلى رعاية واهتمام ليؤتي ثماره في المجتمع.

وتسلمون. 

جريدة القبس في عددها الصادر الثلاثاء الثالث والعشرون من سبتمبر 2025 (الرابط الإلكتروني).

بادر ويانا - PDF