قعقاع “الوطني”

 

 

 

احتفل بنك بوبيان أخيراً بمرور عشر سنوات على تأسيسه. وبعيداً عن التصريحات الصحافية والكم الهائل من الشكر الدبلوماسي، سأتحدث عن «بوبيان» الفتي الذي استعاد عنفوانه مع شراء البنك الوطني للحصة المؤثرة بهذا البنك، فبدأ وبحرفية عالية عملية تحويل وتطوير ونقل مبرمج لإرث وإدارة البنك الوطني المتميزة على يد السيد عادل الماجد أحد قياديي البنك الوطني، الذي وقع عليه الاختيار لقيادة دفة «بوبيان»، مع منحه كل الصلاحيات الكاملة لإعادة وهيكلة تلك المؤسسة، مع دعمه في آلية اختياره لأعضاء مجلس الإدارة ممن يغلب عليهم الخبرة والاختصاص. ومنذ ذاك الوقت، بدأ بوماجد عملية التطوير في استقلالية كاملة عن المؤسسة الأم، وبما يتطابق وبامتياز مع قواعد الحوكمة وتعليمات البنك المركزي، أضف عليها الاختيار الحكيم لأركان إدارته من خيرة الخبرات الكويتية. وقد لمست، وعن قرب، مدى التجانس والتعاون ضمن الفريق الواحد والإبداع الفردي، كلٌّ في موقعه، ولا أستبعد بل أنا على يقين أن بنك بوبيان وبهذه الإدارة سيتفوق على أقرانه من البنوك الإسلامية خلال السنوات الخمس المقبلة، هذا إن لم يتفوق على مؤسسته الأم. ولربان سفينة بوبيان آليته في العمل الخاصة به، فهو الهادئ جدّاً والمبتسم دائماً. فمنذ معرفتي به التي تمتد منذ عام 1983 عندما التحق زميلاً في بنك الخليج، لم أره يوماً في خلاف مع أحد، بل في بعض الأحيان كنت أتعمد إثارته أو زجه في نزاع حتى أرى كيف يكون في حال الغضب، ولكن محاولاتي كلها باءت بالفشل. فهذا الإنسان لا يعرف له الغضب طريقاً، وقد استغل تلك الميزة وحولها أداة يدير من خلالها أكبر المجاميع. ومما يتميز به أيضاً بُعده عن انتهاج المركزية من دون تخليه عن فرض الرقابة الصارمة والحزم. وأبارك للسيد عادل مكتبه الجديد الذي يعكس أسلوباً إدارياً لم يسبقه إليه أحد، إذ تخلص من الطاولة وأبقى على الأرائك، وأترك بقية الوصف لمن يرغب في زيارته ليرى بأم عينه، ويستكشف عن قرب الجديد في علم الإدارة. 

والخلاصة أن هذا السرد هو ليس من باب المديح، بل هو من باب تسليط الضوء على النموذج الإداري الكويتي الناجح الذي استطاع البنك الوطني تنفيذه. فإن أردنا أن نجعل من الكويت مركزاً مالياً وجب علينا خلق مؤسسات بهذا المستوى. فسوق الكويت المالية تفتقر إلى مثل هذا المستوى العالي في المهنية، ولهذا ننصح ملاك الشركات بالتمعن في تلك التجربة والعمل على رفع أداء شركاتهم باتباع خطوات شبيهة. وبالرجوع إلى التاريخ حين طلب القائد خالد بن الوليد الدعم من الخليفة أبي بكر الصديق، أرسل إليه الدعم ممثلاً في رجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي. رجلٌ واحد عن ألف رجل، ليدعم جيشاً فتيّاً يحارب الروم.

فليبحث ملاك تلك الشركات عن قعقاع يدعمهم.. فالبنك الوطني قد وجد قعقاعه. 

بوماجد شهادتي فيك مجروحة، ولكن وجدت نفسي لا أستطيع إلا أن أكتب.

 

عدنان عبدالله العثمان

المصدر: جريدة القبس ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤ ( الرابط الالكتروني )

قعقاع "الوطني " Pdf