مرة أخرى حظيت بشرف مرافقة كوكبة من قياديي بيت الزكاة في رحلة ميمونة نحو افتتاح مشروع خيري جديد. هذه المرة في الأقصر في أرض الكنانة، مكون من مركز صحي ودار لتحفيظ القرآن الكريم ومكتبة عامة وسقي للماء. وككل مشروع حضرت افتتاحه، حمل مشروع مجمع المحسن المرحوم عبدالله العثمان الخيري روح أهل الكويت المحبة للعمل الخيري، كما جسّد المشروع رؤية والدي الخيرية التي أوصانا نحن أبناءه بالسير على نهجها، دين علينا وعلى من يأتي بعدنا من أحفاده. المجمع هو رسالة خير وإخاء من رجل منحته الشعوب العربية لقب المحسن الكبير، ودعم العثمان لشعب مصر يعود في تاريخه لدعم والدنا الجيش المصري وأهل بورسعيد ابان العدوان الثلاثي، فنال على إثره وسام الشرف من الدرجة الأولى تكريماً رئاسياً من قبل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وفي وسط أجواء الافتتاح برعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وسفير دولة الكويت سالم الزمانان، عادت بي الذاكرة إلى عشر سنوات خلت، عندما أخذت على عاتقي تحويل أنشطتنا الخيرية خارج الكويت إلى بيت الزكاة للإشراف والتنفيذ، وقابل ثقتنا الكبيرة به بترحيب وتعاون على أعلى الصعد، وها نحن نجد بيت الزكاة يفتح أبوابه على مصراعيها لتحقيق رؤية والدي الخيرية ووصيته الملزمة لكل من حمّل مسؤولية تنفيذها. وها أنا أحضر هذا الافتتاح مكرما برعاية حكومة دولتي الرشيدة، ومحاطا بقياديّيها وسفيرها، لنضع معا معلما خيريا يحمل اسم الكويت قبل أن يحمل اسم عبدالله العثمان. وفي هذا الوقت الذي يمر فيه العمل الخيري بأصعب مراحله، وتضييق الخناق عليه، بعد ارتباطه بتهمة تمويل الفكر المتطرف، نجد أن بيت الزكاة قد استطاع تجاوز كل تلك المعوقات والحواجز، فكان الضامن للمتبرعين بعدم تعرضهم لأي مساءلة من أي جهة. فالدينار لا يخرج من الخزينة قبل التأكد من وجهته، وبيد من سيصرف، فهذا البيت هيئة رسمية تمثل دولة الكويت وسياستها الخارجية. وبعد تعاوني خلال الأعوام الماضية وعن قرب وجدت أن ما يميز بيت الزكاة عن غيره من مؤسسات الدولة هو التجانس والرضا بين موظفيه وقيادييه، وهي سياسة صاغها المدير العام السابق عبدالقادر العجيل، ودعمه بكل إخلاص نائباه السابقان خالد الحسيني، وعبدالعزيز البزيع. وبفضل الله أن منّ على هذا البيت بمدير عام ونواب جدد لا يقلون كفاءة وإخلاصا عمن سبقهم. وأتمنى أن تتعلم المؤسسات الأخرى في الدولة من هذا النموذج المؤسسي الراقي، وأن تنتهج نهجه.
ولا أستطيع إلا أن أقول.. شكراً بيت الزكاة، فأنتم بيتُ فخر واعتزاز.