الحبوس

 

 

 

 

 

 

في وسط الدار البيضاء يقع حي يسمى «الحبوس». والمقصود بـ «الحبوس» هو الأوقاف. وبني هذا الحي منذ مئة عام على يد الفرنسيين، وأخذ الحي الطابع المورسكي من ناحية العمارة، وسكنه علية القوم بذاك التاريخ إلى أن تحول إلى حي تراثي جميل تختلط فيه الأسواق الشعبية محملة بعبق التاريخ. وموضوعنا ليس تاريخ هذا الحي، بل عن جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بذلك الحي.

منزل صغير بفناء لا يزيد على 100 متر مربع، وبقدر قِدَم المنزل بقدر حداثته، فله سقف قبة متحركة وأركان مزينة بالنقوشات الأندلسية وبحوائطه، كما نقول رواشن، تحولت إلى متحف تراثي جميل للآلات الأندلسية القديمة وكتب الموشحات والمديح التي لا تخلو من صبغةٍ صوفية. وبوسط الفناء الضيق جوقة من الموسيقيين والمنشدين. واعتقدت للوهلة الأولى أني أحضر حفلا موسيقيا وأن من أمامي ما هم إلا محترفو غناء وموسيقى. وقد حضرت الحفل مع مضيفي وهو من الأشراف الأدارسة والأمين العام لجمعية الثقافة الإسلامية في تطوان، حيث حضرت وضع حجر الأساس لجامع المرحوم والدي، الخامس من المساجد أنفذها من ثلث ماله في الوطن العربي كما أوصى، وكذلك حضور تصفيات جائزة العثمان لتحفيظ القرآن الكريم والتي تنفذ تحت إشراف بيت الزكاة في كل من الكويت ولبنان واليمن والمغرب ومصر. ونرجع لذلك المجلس الذي لدى دخولي اياه رأيت فيه نظرات الجلوس متجهة نحوي تنظر بفضول إلى هذا المشرقي، وهو الاسم الذي يطلقه علينا المغاربة، وعما يفعله بينهم. إذ لم يسبق لمشرقي زيارة مثل هذا المحفل الثقافي، فللأسف السياحة الثقافية ليس لها ذاك الاهتمام لدى الكثير من السياح الخليجيين والعرب. وعند انتهاء الحفل أخذ الجميع يتهافت علي بالسلام والتعريف بالنفس، وكانت المفاجأة بأن جميع العزاف والمنشدين هم من الهواة ومحبي التراث الأندلسي وموشحات مديح الرسول (ص) وهم من الدكاترة والأطباء والمهندسين. ففي كل خميس يجتمع الفريق لاستعراض نوع من أنواع التراث الأندلسي، أما يوم الاثنين فهو مخصص لمحبي الموسيقى العربية، وقد تأسست تلك الجمعية بمبادرة من هواة أخذوا على عاتقهم المحافظة على هذا النوع من التراث. وفي الحقيقة ازداد إعجابي ولم أقل في نفسي هذه المرة ليش احنا في الكويت ما عندنا مثل هذا! الا عندنا وذكرت الأخ أنور الرفاعي بالخير إذ أخذ على عاتقه ودعما من عائلة العثمان المحافظة على التراث الكويتي، وجعل من منزل والدي في حولي متحفا ومعلما تراثيا يفتخر به. ولولا هذا المعلم لما كان لهذا المشرقي ما يفاخر به ذاك المغربي، فجزاك الله خيرا يا بوفهد وكذلك الشيخة أمثال الأحمد الصباح سيدة العمل التطوعي.

ولنا وقفات قادمة مع متحف بيت العثمان.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ٢٨ مايو ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني)

 

الحبوس Pdf


عدد الزائرين:

237 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr