طيارتنا

 

 

 

 

 

 

 

تاريخياً، بنيت الكويت على الترحال وعاشت على رحلات البحر والبر طلباً للرزق، والظاهر أن هذا الشيء تأصل جينياً في أهل الكويت، والسفر لسبب أو من غير سبب صار أساسياً عند الكويتي. لذا، كانت الخطوط الجوية الكويتية من أوائل خطوط الطيران في المنطقة، بل كان «الطائر الأزرق» المتميز، والظاهر حد ما يحبنا تسلط على طيارتنا وخلى سفرنا عناء، نرجع إلى الخلف لمدن الخليج لننطلق إلى العالم من هناك، شغلة سهلة معقدة، شلون محد يدري اهي بالكامل ملك الدولة، يعني ما في شركاء أو ورثة يختلفون ويتهاوشون عليها وصارت الطيارة اللي تطلع من مطار الكويت وإلى العالم حلم كل كويتي، وكل مرة أركب طيارة مو مالتنا أحس إحساس الأيتام على مائدة اللئام، وأقول حسبي الله على من كان السبب، وأذكر شتاء 95 في جنيف ذهبت إلى مكتب «الكويتية» لتغيير موعد السفر، وهناك التقيت بموظفة الحجز لاحظت قميصها ممزقاً.. وسألتها عن هذا القميص، حيث الشكل العام وما تعكسه المؤسسة على سمعة دولة الكويت لا يقبل ذلك المنظر، وكنت واثقاً بأني أحرجها بالسؤال، ولكنها هي من أحرجتني بالجواب، وقالت نحن كموظفين ملتزمون بالزي الرسمي الذي تزوّدنا به المؤسسة، وللأسف ليس لدى المؤسسة ملابس جديدة، فتزودنا بتلك الملابس المستعملة، والله لم أستوعب ما قالت، ولكن بشرح بسيط اتضح أن المؤسسة تسترجع الملابس والشنط من الموظفين المستقيلين، وتعيد تزويد الموظفين الجدد بها، وهذا من باب التوفير، وظلت تلك الكلمات تراوح ذاكرتي كلما ركبت الطائرة الكويتية، ورأيت المضيفين والمضيفات وما يرتدون أقول كم من قبلهم لبس هذا القميص! وقبل أسابيع، قابلت صديقاً من طياري المؤسسة القدامى، وسألته عن موضوع القمصان، والحمد لله طمأنني بأن الوضع تغيّر، بس بعدهم يأخذون الملابس والجنط القديمة من المستقيلين، بس ما رضى يقولي شيسون فيهم، واكتفى بابتسامة لئيمة، وقال لي طلبت ملابس جديدة وبلغوني تعال بعد 3 أشهر وما أحط بذمتي، بس هذا بالضبط ما حصل، فإذا كان من تناوب على الكويتية من إداريين هذا حد تفكيرهم، فانهيار المؤسسة ليس بالشيء المستغرب! والآن، وعندما ارتأت الدولة النهوض بها استطاعت، فمجلس إدارتها الحالي استطاع وبفترة وجيزة تغيير المعادلة إلى الأفضل، وإن كان لابد من بيع المؤسسة، فعلى الأقل إعطاء هذا المجلس الوقت الكافي لرفع مستوى الشركة وتحويلها على الأقل إلى نقطة التعادل، فسعر الشركة الخسرانة أكيد ليس بسعر الربحانة، وإن شاء الله «الكويتية» تظل كويتية ملك الدولة، والناس اللي على قدهم، واللي يحب يصير عنده طيارة يحط فلوسه ويأسس شركة طيران، وينافس على كيف كيفه، والله يرزقه، بس خلوا الكويتية عنكم.

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: ٢٢ يوليو ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني )

طيارتنا Pdf