نشرت إحدى الصحف مؤخراً تقريراً عن الوضع العقاري واتجاهاته من صعود ونزول وشاغل وشاغر. تقرير جيد بيد محرر مجتهد. في اليوم التالي وعلى الصفحة ذاتها، قرأت ردّ اتحاد العقاريين ـ اللي أنا واحد منهم ــ على التقرير، ولا يخفى على القارئ هديل النرفزة والاعتراض على صحة الأرقام التي هي ليست موضوعنا اليوم. وكان لي لقاء صحافي مع إحدى الصفحات العقارية، تكلمت فيها عن مول البروميناد، ولكن صاحبنا وبحنكته الصحافية بدأ يعرج على مواضيع أخرى تتعلّق بوجهة نظري اتجاه السوق المحلي والتصورات المستقبلية، وكذلك عن المعارض العقارية ومدى الشفافية والصدق في ما يعرض فيها على العامة. وكان رأيي بأن السوق العقاري ليس سوداوياً، وكذلك ليس وردياً كما يحلو للبعض تصويره. أما في ما يخص المعارض العقارية فهي تبيع الهواء. فمن المشاريع التي تسوّ.ق لها بيع شقق على المخطط وأراضٍ زراعيّة، على أمل أن تُحوّل الى سكنية وشقق وفلل جاهزة. يعني سوق عكاظ يدار بكوكبة من المسوقين المحترفين، نساءً ورجالاً، الكل فيه يحاول أن يبيعك شيئاً. لكن ما شدَّ انتباهي هو سؤاله عن كيفية حماية المستهلكين من تلك الدعاية التسويقية، وهو محق تماماً في طرحه للسؤال. فالمستهلك المسكين مُحاصَرٌ من كل الجهات، والكل عينه على جيب المواطن: من اتحادات تحافظ على مصالح مؤسسيها، وبنوك تتنافس على إقراضه، وصاحب العقار الذي يريد أن يؤجر له أو يبيع، وكذلك الجمعيات مو مقصرة، حملات الدعاية والإعلان هنا وهناك. يبقى الحل هو رفع ثقافة الشراء والاستثمار لدى المستهلك، لأن لا أحد يملك سلطة منعه عن صرف أمواله كيفما يرى، لكن مع وجود من ينصحه ويوجهه، فالخيارات حينها ستكون واضحة وعادلة، وهو بعدها يتحمل مسؤولية الخيار. مثل علبة السجاير بس تشوفها يضيق خلقك من الصور السرطانية عليها، ولكن المصرّ عليها يتحمل وزرها. والسؤال هنا: من سيقوم بهذا الدور التوعوي المهم؟ هل تستطيع الحكومة ذلك؟ لا أعتقد، دعها أولاً تنجح في تطبيق قانون منع التدخين!
اذاً فشرايكم نؤسس اتحاداً للمساكين من المستهلكين يتولى الدفاع عن مصالحهم، بقدر دفاع اتحاد العقاريين عن أصحاب العمارات اللي ثلاث أرباعها مخالفة ورديئة التشطيب؟ طبعاً اتحاد المساكين لن يرى النور، لأن أصحابه مساكين وعلى باب الله. لكن أرى أن خير من يتولى التوعية ويحافظ على حقوق المساكين هو الصحافة. نعم الصحافة والقلم. وآمل أن تتوسع الصحف في تغطيتها لكل الأنشطة ذات العلاقة بمعيشة وحقوق المواطن والمقيم، من منظار المستهلك والمواطن البسيط، حتى وإن كانت الأرقام ليست بذات الدقة، أو البيان خالفه شيء من الواقع.