في النادي، وأنا على جهاز المشي الممل، وقفت الى جانبي مدربة أجنبية تدرب كويتية لا يتجاوز عمرها العشرين عاماً، وتظهر عليها مظاهر النعمة ولا ينقصها لا جمال ولا دلال. والمدربة كانت كثيرة الكلام، وبالكويتي قراقه، واللي معاها ما هي بأفضل منها. ودار الحديث بينهما وفيه من السخافة ما لم أعبأ بسماعه حتى تطرق حديثهما إلى موضوع أدهشني، ولم أستطع إلا أن أنصت إليه لما به من عجب عجاب. تقول الكويتية انها جد حزينة كونها لم تستطع حتى الآن صيد ثري خليجي كزوج، وكم هي غاضبة من الثري الخليجي الذي اقترن حديثاً بزوجة باكستانية، واشترى لها شقة في برج خليفة، عدا السيارة والمجوهرات وخلافه. وقالت معترضة: لم الباكستانية وليس أنا؟ وردت عليها الثانية تهون عليها بأن يمكن الباكستانية جميلة، فأجابتها صاحبتنا بحدة: أقول لك باكستانية! طبعاً لا أعتقد أن المدربة فهمت القصد من تصغير الكويتية لامرأة كونها من جنسية أخرى، قد ترى بفكرها المحدود أنها أقل مستوى من جنسيتها.
وأكملت المدربة مواساة صاحبتها بأنها صغيرة وجميلة، وسوف تجد من يحبها وتحبه، فأجابتها مرة أخرى وبصوت أعلى: أريد ثريا خليجيا حتى لو عمره مئة سنة. والظاهر الأجنبية عجبها المبدأ، فقالت لها حتى أنا أبي ثري خليجي بس من وين؟ الصراحة لو ما العيب كنت انفجرت من الضحك، بس تمالكت نفسي، وما توقعت رد البنت حين طمأنتها أنها ستعلمها كيفية الحصول على ثري خليجي، وستبعث لها بعناوين نواد ليلية خاصة في دبي تذهب اليها وهي وحظها! وبقدر ما ضحكت على كلامهما التافه بقدر ما ضاق صدري. فكيف لشابة صغيرة أن تتفوه بهذا الكلام من دون أي حرج أو حياء في مكان يعج بالناس. سألت نفسي: ما الذي حل بهذا الوطن؟ وهل هذا هو المستوى الذي أوصلنا أبناءنا إليه من خلال إهمال الأسرة، والاعتماد على الخدم وتدني مستوى التعليم الحكومي، مما دفعنا للزج بأبنائنا في المدارس الأجنبية دون تعويضهم بما لا يتم التركيز عليه في تلك المدارس، ألا وهو الهوية العربية والإسلامية؟ ألهذا ما عاد أبناؤنا يميزون بين الصح والخطأ، ومن نكون، وماهية الأخلاق وحسن التعامل؟ مما أراه فالمجتمع يرجع إلى الخلف، فبالأمس فقدنا شاباً طعن في المول لا لسبب، فقط من باب خزيتني وخزيتك، وتلك تعلم الأجنبية كيف تصطاد زوجا غنيا، وتلك الأم من بيت إلى بيت، ومن عرس إلى عرس، والفلبينية هي القائمة على الاعتناء بولدها، وتقول له لازم يحفظ قرآن باجر امتحان، وعيالنا الملتزمين أضحوا ضحايا التيارات الإسلامية المتشددة.
الحسبة ضايعة، لكن الحل هو بيد الأم، وفقط الام، ولا احد غيرها.
عدنان عبدالله العثمان
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.