البروميناد

وتعني في اللغة العربية الممشى المظلل، وهو أحدث مول تجاري افتتح أخيراً في الكويت. ولكَوْني من أشرف على تنفيذ هذا الصرح كنت أسأل وما زلت: لمَ هذا الاسم؟ ولعلم القارئ فإنّ الاسم الذي اختير بداية لهذا المشروع كان «محلة لوقه»، وأعتقد أن قلة من أهل الكويت تعلم ما تعني «محلة لوقه». ومنذ البدء، كنت من الداعمين لتلك التسمية لما لها من ارتباط تاريخي مع أسرتي، فمحلة لوقه منطقة كويتية تقع في المرقاب، وتحديداً أمام مسجد الحمد بالقرب من مجمع الوزارات، حيث كان منزل ومكتب المرحوم والدي بعد انتقاله مع أسرته من منزل والده بمنطقة الوسط. وكنت دائماً أتأمل مراسلات والدي والتي تُعَنْوَن (بلاد العرب - الكويت - محلة لوقه - والبريد البرقي «شكورا»). واللوقه لغةً تأتي من مفردة لائق (لايق عليك). وكما أورد المؤرخ الكويتي فرحان الفرحان في أحد كتبه فإن من أطلق تلك التسمية على الفريج هو الشيخ أحمد الجابر الصباح لدى زيارته للملا عثمان رحمهما الله، وذلك من دون تدقيق من قبلنا. فوجدت نفسي وكما يقال أضرب عصفورين بحجر واحد، فأحيي اسماً كويتياً قديماً له علاقة بأسرتي، وكذلك حاز استحسان جميع الشركات المؤجرة في المول، ولكن للأسف وفي مرحلة متقدمة من المشروع عُرض الاسم على أحد الأفاضل من الرعيل الأول واعترض عليه، وتوجه إلى الحضور بالسؤال: تعرفون شنو هذي المنطقة وشنو كان فيها؟ ولا أستطيع أن أردد الكلام الذي دار، ولكن النتيجة أن طلب الحضور مني النظر بتغيير الاسم. وقد استجبت للطلب رغم اعتراضي على مبدأ التنكّر لاسم منطقة كويتية بناء على نوعية من الناس الذين سكنوا بيوتها الطين بعد رحيل سكانها الكويتيين، فتحولت بذلك إلى طابع لم يعجب الحضور الذين نسوا أيضاً أن منطقة بنيد القار كانت من أجمل الضواحي الكويتية، وتحوّلت إلى سكن للعمالة الإيرانية بعد رحيل العائلات الكويتية عنها، فهل هذا سبب كاف لنعيب اسم بنيد القار؟ فسبحان الله الأجانب قدّروا الاسم وما يرمز له، وربعنا الكويتيين عابوا عليه. وحاولت إطلاق اسم شكورا عليه وأيضاً عابوا عليه، وقالوا قد يطلق عليه مع الوقت شكيرا، ومن تلك النقطة رفعت يدي عن التسمية، وعهدت بها لفريق التسويق المكون من كوكبة من الشباب الكويتي. وقرر الفريق تسمية المول بالبروميناد وبرج المكاتب ببرج عبدالله العثمان، وعرض الاسم، والذي أخذ استحسان الكل. وراحت اللوقه وجاء البروميناد وانتصر تيار التحديث وسقط تيار التراث اللي هو تياري بالطبع، ولكن هذا هو حال الدنيا، وآمل أن يأتي يوم أنا أو غيري يسمي مشروعه «محلة لوقه» ولا حتى «شكورا»
ترى والله خوش أسامي.
عدنان عبدالله العثمان
المصدر: جريدة القبس الأول من أكتوبر ٢٠١٥ ( الرابط الالكتروني )
البروميناد Pdf
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.




