عقاري سبعة
نختتم اليوم سباعية «عقاري»، ولن تكون هذه السباعية نهاية تطرقنا إلى العقار، فهذا الموضوع ليس اختصاصا فحسب، بل هو عشقٌ توارثناه. فأنا أنظر إلى العقار نظرة قيس لليلى، مع ملاحظة أنّ قيس لم يظفر بليلى، لكن ستشاطره شعوره يوم يأتي وقت تبيع فيه عقارك إما لحاجة وإما ربح وإما سوء تصرّف وتقدير. والعقار أيضاً كالطفل، فهو يأخذ من الوقت والجهد في شرائه وتصميمه، ومن ثم ترخيصه وبنائه، ومن ثم يمر بالولادة القيصرية من كشف المطافي والبلدية وإيصال التيار الكهربائي.. معاناة وأي معاناة! ثم يأتي المطور ويشوه هذا الطفل بالمخالفات والتشطيب السيئ، ومن بعد تأجيره يضحى عدواً لطفله المسكين، فيوقف عنه الصيانة ويتركه بعهدة حارس يراه كل آخر شهر لتحصيل الإيجار، فيصبح الحارس سيد القصر يتصرّف كما يشاء، جالساً في «معلق» العمارة على كنبة بالية وحوله القطط السائبة. لهذا، وللأسف، تعاني مدننا من القبح، مع فقدانها هويتها المعمارية. لكن هذا ليس موضوعنا اليوم، بل نرتكز على نصائح نهديها لمتداولي العقار ومموليه:
أولاً - على مطوري العقار أخذ الحيطة والحذر في السنتين المقبلتين، خصوصاً لما سوف نراه من تقلبات مالية تؤثر في أسعار الفائدة والقوة الشرائية للدينار.
ثانياً - على مستثمري العقار الجدد من الأفراد التروي قبل الشراء، فنحن مقبلون على حركة تصحيحية وليس انهيارا، وهذا أمر صحي. فمن يرغب في الشراء فعليه حساب عامل التغيير السعري المستقبلي بنسبة 1 في المئة زيادة على نسبة معدل النسب المتداولة بمناطق الكويت.
ثالثاً - لمعظم مستثمري العقار السكني، الرأفة بمناطقنا، والكف عن العبث بقانون البناء، والحرص على التأجير للعائلات، كما نص القانون. وأذكركم أن الوقت سيأتي الذي تصحو فيه أجهزة الدولة وتطبق القانون بما فيه من غرامات، وهنا تكمن الخسائر الفادحة.
رابعاً - ولمستفيدي الرعاية السكنية من أصحاب أرض وقرض سأخصص لهم مقالاً يشرح ظاهرة المربع المظلم وكيفية الخروج منه.
خامساً - تنويه للبنوك الإسلامية وكل من يتعامل بمنتج الإجارة بمراجعة وضع جميع العقارات الاستثمارية المسجلة باسم البنك بصفة إيجارية، وذلك للتأكد من خلوها من المخالفات، فالبنك أمام البلدية والقانون هو المالك، ويتحمّل بشكل مباشر أي غرامات ناتجة عن مخالفة قانون البناء. فلا يكفي أن يكون البنك قد أخذ ما أخذ من احتياطات قانونية تحفظ حقه من عميله مستأجر العين، فقد تكون قيمة المخالفة التي دفعها البنك عنه أكبر من قدرته المالية. وأنصح البنك المركزي بالإيعاز إلى تلك البنوك بعمل اختبار ضغط على المنتج، للوقوف على حقيقة الوضع.
وأطلب من الله ــ تعالى ــ السلامة لكل أهل الكويت، وأقول الله يكفيكم شر الدين بجميع أشكاله.
ولكل القراء الأعزاء، عمن سأل عن الحكمة، أقول إن الحكمة دُوّنت بجوهر كل مقال.
عدنان عبدالله العثمان
المصدر: جريدة القبس ١٧ ديسمبر ٢٠١٥ (الرابط الالكتروني)





