فخامة الإمام الأكبر

 

 

حلّ ضيفاً عزيزاً على الكويت فضيلة الشيخ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ونحن نقول له حياك الله يا شيخ في بلدك، ولي تجربتي الشخصية مع فضيلة الإمام، إذ قبل سنوات تلقيت اتصالاً من الصديق خالد الحسيني بصفته الرسمية حينها كنائب لمدير عام بيت الزكاة يعرض عليّ تلبية دعوة شيخ الأزهر لزيارته في مصر، فكان لنا شرف الالتقاء به، وعرض علينا حينها تولي ثلث العثمان تمويل بناء مركز صحي في القرنة في الأقصر، وكان ذلك قبل الثورة. أما لقائي الثاني به، فكان لدى وضع حجر أساس مشروع المركز الصحي الخيري بعد الثورة الأولى، ولقائي الثالث معه جاء لدى افتتاح المشروع بعد الثورة الثانية. 

وثورات مصر ليست من شأني، ولكن ما لمسته من ترحيب من هذا الإنسان العالي الثقافة الدمث الأخلاق جلد الموقف، شجّعني أن أنتهز الزيارة في سؤاله مباشرة عن عدة أمور في السياسة والدين، فهو يمثل بمنصبه المرجعية الدينية للعالم الإسلامي ورمزاً للوسطية والتسامح. فالشيخ الطيب هو من كبار علماء الكلام والمنطق ويجيد الإنكليزية والفرنسية بطلاقة، وله مترجمات من وإلى تلك اللغات، وتوارث العلم والطريقة من والده وأجداده. وخلال اللقاء الثاني أهديته كتاب مدرسة العثمان وديوان شعر العثمان، فأبلغني حينها بأن له مكتبة كبيرة توارثها عن أجداده ويشفق عليها من الضياع والإهمال من بعده، فأمل أن يضاف إلى مشروع المركز الصحي مكتبة عامة تكون المقر الأخير لكتبه وما توارثه من مخطوطات يستفيد منها العلماء والعامة. ولم أجد صعوبة في إقناع شركائنا في إدارة الثلث بتمويل إنشاء المكتبة فهي مشروع علم، وافتتحت مكتبة المرحوم عبدالله العثمان في الأقصر. وهنا يتبين ضرورة توجيه العلماء الجدد نحو الجمع بين ثقافة العلم الشرعي وثقافة العلم الدنيوي لسد الفراغ فيما بين الدين وواقع الحياة. فهذا الفراغ هو ما خلق منظمة «داعش» وأخواتها وما نتج عنه من تطرف طائفي مقيت. 

وأعود إلى شيخنا الفضيل وأجمل ما سمعت منه رغبته في العطاء وتعليم الصغار ما أفاء الله عليه من علم حال تقاعده من منصبه فهو عطاء بعطاء بعطاء، ويا ليت الآخرين يحذون حذو هذا الرجل ويضعون خطة واضحة لما بعد تقاعدهم، يمنحون فيها ما لديهم من علم شرعي كان أو دنيوي للجيل القادم، وفي هذا درس لكل من يمسك منصباً زائلاً.

وأختم، حياك الله شيخنا الطيب، وأذكّرك بوعدك لي بزيارتي لدى قدومك الكويت، ووعد الحر دين عليه. وسوف نكون دائماً معكم على درب الخير نسير، ولكم ولقرائنا الأعزاء طولة العمر.

 

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ٢٥ يناير ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني) 

 

فخامة الإمام الأكبر Pdf