أزمة فكر -٢-

 

 

من المشاكل التي تعاني منها الكويت: الفعل ورد الفعل. فتلك المعادلة هي التي تطغى على إدارة تشريعات مؤسسات الدولة. سمعنا أن النفط نزل يلا نشد الحزام، وكل مسؤول يصرح، واحد يدور في الدواوين يتكلم عن ترشيد الكهرباء، واحد سيلغي بعثات الدراسات العليا، وواحد يلغي السيارات للقياديين ويعطي 250 ديناراً «بدل نقدي»، وكأنه وفر شيئا! وهناك من يتوعّد بالضرائب، ثم يتراجع عن كلامه. ولا أحد منهم يعرف كم ستوفر كل تلك التقشّفات على ميزانية الدولة، إذ اعتقد لو حسبناها بالورقة والقلم فهي لن تسد ولو نسبة بسيطة من العجز. لكن كل ما سينتج عنها تأجيج النحاسة والحسد، يعني: المديرون اللي ما تطلع لهم سيارة راح يستانسون إذا انسحبت السيارة من غيرهم، واللي مو قادر على التحصيل العلمي راح يستانس من سحب البعثات عن غيره. ولا ننسَ أن مجلسنا الذي يهدد ويتوعد بالوقوف أمام أي تشريعات تمس جيب المواطن، هو نفس المجلس الذي وقف وصارخ بمطالب رفع الرواتب والكوادر.

وأتذكر جيداً موقف وزير المالية السابق حين صرّح في المجلس بأن أسعار النفط لن تستمر فوق مئة دولار وستهبط، وأذكر ضحك بعض النواب وشنّوا عليه الاستجوابات إلى أن ضحت به الحكومة وقضبته الباب. هذا المجلس قد لا يجرؤ اليوم على اتخاذ قرارات تمس جيب المواطن، خصوصاً أنه على أبواب انتخابات قادمة والحكومة تصرح بذكاء بأنّ كل اجراءات التقشف ستعرض على المجلس. كأن الربع قاعدين في ملعب كرة طائرة، والكل على أمل أن يرتفع النفط والكل يرتاح! وكأن الإجراءات الإصلاحية مرتبطة فقط بمدى عجز الميزانية المالي، بينما العجز الحقيقي هو أزمة فكر وتخطيط.. أزمة البعض من الموظفين الذين لا يؤدون أمانة عملهم ولا يرفقون بوطنهم، فإنتاجيتهم صفر ونفس غير مبدعة وفساد وفوقها رواتب وكوادر وبدعم من نظام الخدمة المدنية. فحين ينهي الوزير خدمات وكيل، نجد المحكمة الإدارية تعيده. وإذا ترقى أحدهم فالأقدم منه، حتى لو ما كان يداوم، المحكمة تعينه! فمتى ما صارت الوظيفة للأجدر ومتى ما استطاع الوزير تغيير وتحديث كوادره مع وجود حكومة قوية تمنع وتحاسب الوزير عن أي تعسف باستعمال الحق أو المحسوبيات، حينها سنجد أنفسنا خارج عنق الزجاجة ونغرد عالياً بسماء هذا الوطن.

النقد سهل، وكما يقال اللي ياكل العصي مو مثل اللي يعدها والله يعينا ويعين حكومتنا علينا، ولو تسمح لنا ان نقترح عليها تشكل فريق أزمة لإدارة مشروع ترشيد الإنفاق، ويعين أحد الوزراء رئيساً لها يكون المسؤول عن إدارة المشروع والمتحدث الرسمي له.

قبل أن نتخبط بإجراءات لن تؤدي إلا إلى المزيد من التعقيد.

 

 

عدنان عبدالله العثمان

 

المصدر: جريدة القبس ١٦ فبراير ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني)

 

أزمة فكر (٢) Pdf

عدد الزائرين:

113 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تغيير اللغة

arenfrdeestr