لا تشترون

 

 

 

أعود بالزمن إلى أوائل الثمانينات، حين وضع مجسم كبير لمشروع بحري في سوق عقارات الكويت بالمباركية، وظل أصحاب الفكرة وراءه إلى أن رأى النور. لا أتناول المشروع بحد ذاته لكن تبعياته. فعالمياً سمعنا عن مصطلح غسل الأموال، لكن في الكويت عندنا غسل أراضٍ. فقلة من الناس تعلم طبيعة العقد بين المطور والحكومة الذي بأحد شروطه يحدد السعر الأعلى للمتر عند البيع للمواطنين. والسؤال الكبير: هل تم بيع تلك الألف من القسائم بهذا السعر مباشرةً للمواطنين، أم من خلال وسطاء ومحللين؟ والله اعلم، فإن الخلل ليس من المطور بقدر ما هو من الحكومة وصياغة العقد المبرم بينهما، وبما أن الكل ساكت، قلنا الحكومة أبخص! ونرجع لموضوعنا، فالمجلس البلدي احتار في تحديد تعامله مع تلك المنطقة، وهل يتعامل معها كنظام البناء المتبع في الشريط الساحلي أو نظام السكن الخاص، أو يطلع بنظام بناء يتماشى مع الطبيعة البحرية والترفيهية لتلك المنطقة. طبعاً اختار الأسهل وطبق نظام السكن الخاص، يعني سرداباً وثلاثة أدوار. الجماعة المطورون الطلب عندهم على الشاليهات الصغيرة حق الناس اللي على قدهم، واشتغلوا بتقطيع وتقسيم تلك المباني بعد إيصال التيار الكهربائي إلى شقق مخالفة، وكالعادة وبعد سبات عميق جت البلدية على أحد المشاريع المباعة على المواطنين، وتم قطع الكهرباء عنها، وأُعيد من خلال المحكمة. والآن ظهر مشروع شبيه بالمشروع آنف الذكر مع حملة إعلانية مكثفة بالصحف والمعارض العقارية والفاشنيستات مشروع يوديك حول العالم! والجديد بتسويقه التركيز على تسليم كل مشترٍ وثيقة رسمية بالعين المشتراة، وطبعاً هذا كلام غير دقيق إلا إذا الجماعة عندهم قانون ما ندري عنه، وطبعاً البلدية ولا كلمة، كأنهم ينتظرون المطور يطلع من الحظرة، ويدخل مكانه المواطن المسكين بعدين يشرفون! وأحب أوضح للمواطن ما لم تقم البلدية بتوضيحه: عندما تشتري عقارا مشاعا يعني أنك دخلت في شراكة عامة مع آخرين، يعني أنت وهم تملكون كل أجزاء العين. فالوثيقة لا تحدد لك ملكية العين التي اشتريتها أو غيرك اشتراها، لأن قانون السكن الخاص هو ما ينطبق عليك، والملكية فيه مشتركة ومختلطة، على خلاف قانون السكن الاستثماري، حيث القانون منظم لملكية الشقق!

وأنبه للمرة الالف: البلدية تخالف مالك العين، وليس من بناها وخالف.. وأقول للبلدية: إما ترخيص تلك المهازل، أو وقفها قبل انتقال سمومها للمواطنين، وللمجلس البلدي: حرام عليكم اللي سويتوه بهذه المنطقة الجميلة، وللتجارة: منع تسويق اي مشروع مخالف لأنظمة البناء، ولوزارة العدل: الرجاء توعية المواطنين عما تعنيه كلمة مشاع والتبعيات القانونية المترتبة على حيازة عقار مخالف لقانون البناء!

وللمواطنين فأقول: لا تشترون! لا تشترون! لا تشترون!

 

عدنان عبدالله العثمان

المصدر: جريدة القبس ٣ سبتمبر ٢٠١٦ (الرابط الالكتروني) 

لا تشترون Pdf