بوسارة

 

 

 

بداية تعرفي على الأخ علي اليوحه، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون، حينما كان مهندساً في المجلس ومسؤولاً مباشراً عن مشروع ترميم بيت العثمان الأثري. فبيت العثمان في حولي بناه الوالد ــــ رحمه الله ــــ في الأربعينات من القرن الماضي، وعلى مراحل، معبّرا عن جمال تطور العمارة في الكويت، والمحافظة على البيت قصة طويلة لن أدخل فيها الآن، لكن المهم أن إحدى القنوات الفضائية رغبت في التصوير داخل البيت، ومهندس الموقع منعها وأعطاها رقمي، فكلمت مدير الموقع، وقال لي إنها تعليمات المهندس علي اليوحه. فكلمته واختلفنا بشدة على هذه «السالفة»، لكن بنهاية المطاف ما قصّر وسمح للفريق بالدخول والتصوير. ودارت الأيام، وأصبح اليوحه الأمين العام وتطورت العلاقة معه مع تطور الأنشطة في متحف بيت العثمان.

والصراحة هذا الإنسان بعد معرفتي به وجدته قمة في الأخلاق، نظيف اليد والسريرة. لكن ما حصل أخيراً من إيقافه هو واثنين من قياديي المجلس أدهشني فعلاً، خصوصاً لدى قراءتي ردّه على أسباب التوقيف التي لم تخرج عن اعتراضات البعض على طباعة المجلس الوطني لكتاب يتضمن خرائط تذكر اسم فارس على الخليج بدلاً من الخليج العربي، وهذا أمر غريب لكون كل الخرائط التاريخية القديمة تذكر اسم فارس على هذا الخليج، كما تذكر خليج عمان وبحر العرب، فهذا تاريخ وجغرافيا ولا يمكن لنا أن نغيّر الخرائط أو نمنع نشرها، لكونها تحمل تسميات قديمة لا تتماشى مع ما يطلق عليها الآن. ولدي بعض الأظرف لمراسلات قديمة تحمل عنوان «الكويت ـــ بلاد العرب ـــ خليج فارس»، ولم يعترض عليها أحد بذاك التاريخ.

أما الاتهام الثاني فيتعلق بترجمة كتاب لمؤلفين أميركيين وصدف أن أحدهما مزدوج، ويحمل الجنسية الإسرائيلية، وأنا أعتقد أن موضوع الكتاب هو الأساس وليس المؤلف، فهو كتاب طبي. ومع ذلك، وإن كان وحتى «نعرف عدونا عدل»، علينا قراءة كل ما يكتب، ولا ضرر من ذلك. وأتذكر هنا ما سطّره الكاتب يوسف زيدان في كتابه «دوامات التدين» بأننا نحارب اليهود من دون أن نعلم بما يدينون به، فمن منّا قرأ التلمود أو بعض ما نص عليه؟ وقد نقل الكاتب بعض الترجمات بالعربية للتلمود، وبيّن من الصفات والتصرفات، التي يرفضها العالم الغربي بمبادئه القائمة، والتي يتبناها تلمودهم. والصراحة بعد قراءة هذا الكتاب عرفت ليش اليهود غالبينا لأننا ناس لا نقرأ، وإن قرأنا يجب أن نقرأ ما يسمح لنا بقراءته.

وأنهي بأن سياسة وإدارة تصيد الأخطاء لا تخلق بيئة عمل تنافسية، وتقتل كل إبداع وتؤدي إلى «بارانويا» إدارية وسياسية، ما لها داعٍ.

وما أقول إلا «رايتك بيضا يا بوسارة».

المصدر: جريدة القبس في عددها الصادر يوم ٢٧ فبراير عام ٢٠١٧  ( الرابط الالكتروني )    

بوسارة Pdf